أ- مُرَاعَاةُ عِلْمِ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ عِنْدَ النَّظَرِ, من تعيينِ الرَّاوي, فقدْ يكونُ مُبهماً, ثمَّ تعرفُ أحوالَه من (ولادتِهِ ووفاتِهِ وسماعِهِ وإرسالِهِ ثمَّ فِي درجتِهِ العامَّة فِي الجرحِ والتَّعدِيل (صدوق, له أوهام) ثم مرتَبتُه الخاصَّة عندَ العُلماءِ ثم اصْطلاحَاته أو مناهِجِهِ الخَّاصةِ إن كانتْ له, كما ذكروا أن الإمامِ مالك –رحمه اللهُ- إذا شكَّ في الوصلِ والإرسال أخذ بالإرسالِ, فإذا اختلف الرواة عن مالك وصلاً وإرسالاً يكونُ في الغالبِ من الإمام مالك, ثمّ إن وجدنا أن هذا حديث يرويهِ غير مالكٍ موصولاً فإنه يؤيد رواية الوصل, ويكون هذا من تردُّدِ الإمام مالك, وكذلكَ الحسن البصري أنه يحذف لفظ –النبيَّ عليهِ السَّلامِ- فله حكم الرفع.
ب- مُحَاوَلَةُ تَفْسِيرِ سَبَب الاخْتِلافِ, فهلْ لأنَّها مُتعدِّدة؟ ثمَّ هلْ فِيها وَهْمٌ أو لا؟ ثمَّ هل يُمكن دَرءُ هذا الوَهم؟ ومَعرفةُ سَبَب الوهْمِ تحْتاجُ إلَى قِرَاءةٍ طويلةٍ ومُتمعِّنةٍ لعَامة كُتُب الجَرحِ والتَّعديلِ, لأنَّ أسْبَابَ الوَهْمِ لا حَصْرَ لهَا, ولا عدّ, ومعرفةُ سَببِ الوَهْمِ يُفِيدُ مِنْ جِهَتَيْنِ:
الأولى: أنَّهُ يقوِّي الحكم ويرزقُ الطمأنينةَ في الحكمِ.
الثانيةُ: محاولةُ التَّدقِيقُِ فِي وجوه أخرى قَد لا أَجِدُ قرائنَ أخرى للحُكْم.
لِذَا .. فإنَّه يَلزَمكُ حينئذٍ مَعرفةُ " قَرَائِنُ أو أدلَّةُ التَّرْجِيح " أشهرها " كثرةُ العدد " و " الأحْفظُ والأَتقنُ " وهكَذَا, وعامَّةُ من جمعَ أسبابَ الوهمِ لا يذكرُ اسبب الحقيقي للوهمِ, إنَّما الشيء الظَّاهِرُ, ولهذا أمثلة كثيرة ليس هذا موطنُ ذكرهَا.
ج- النَّظرُ فِي أحْكَامِ النقَّادِ وتَعْلِيلاتِهِمْ إنْ وُجِدَتْ, فحين دراستك لحديثٍ معيَّنٍ فِيه علَل, فآخر المراحل "النظر في أحكام النقاد" هل اتفقوا في التًّعليل أو اختلفوا؟ فإن اتَّفقوا فلا مناص من أن تبحث عن السَّببِ, ولا يحق المخالفة, وإن اختَلفوا حقّ الترْجِيح, فإنْ وجَد كَلام عالمٍ واحدٍ ولم تجدْ له مخالفةً وكانَ كلامُه صَحيحاً فلا يَحِقُّ المُخَالفة إلاَّ بِدليلٍ معتبرٍ, واستثنوا كلامَ الإمامين البخاري ومسلم فيما صحَّحاه وفي الصَّحيح خاصةً, لأن الأمَّة أجمعت على قبول أحاديثهم إلا ما انتَقدُوا عليهِمَا وهيَ يَسِيرَةٌ, فَلَو وجدتُ مدلِّساً يَرْوي حديثاً في الصَّحِيحَيْنِ بِالعَنعَنة وليس له رواية أخرى متًّصلة فهي محمولةٌ على الاتِّصال, فيلزَمُك الأخذُ بقولهم.
(صُورُ مَوقِفنا مِنَ الحَديثِ الَّذي فِيهِ كَلامٌ لأهْلِ العِلمِ)
1 - إن اتَّفقوا .. على حُكْمٍ. كأبي زُرعةَ وأَبِي حاتِمٍ وابْن المَديني والبُخاري وابْنُ معينٍ والدَّارَ قُطْني, فَلا يَحلُّ ردَّ كلامهم, حتى إني وجدتُ لأحدِ علماء الحديث تصحيحاً لحديث اتفقَ على ردِّه أكثر من خمسةَ عشر عالماً, وردَّ قولهم بقوْلِ: تعلُيلُهمْ لَيسَ لَهُ وْجَهٌ!!.
2 - إن اخْتَلفُوا .. فمن كانت عنده أهليَّةُ التَّرجيح فيرجّح من أقاويل العلماء .. ومن لم تَكنْ عنده أهليَّة الترجيح فَلا يحلُّ له الخَوضُ فِي هَذا بَل يلزمُه "التقليد" بكَلامِ حافظٍ من الحفَّاظ والنقَّاد لَيْسَ غَيْر ذلكَ.
3 - إنْ لَم يَجِدْ إلا حكمَ نَاقِدٍ .. ولم يجد له مخالفاً, فحينئذٍ " ما ظهرَ لنا فيهِ مأخذُ الحكم يحقُّ لنا أن نناقشَ هذا العالم في مأخذ حكمه " فلو قال العالم: هذا حديث منكر لأنًّ فيه فلاناً ضعيفاً, وقد تفرَّد في الحديث. فيبحث الباحث وينْقُش ويفتِّشُ عن هذا الراوي فأجدُ أنَّ الراجح فيه أنّه " ثقة " ووجدت كلاما من النقّاد توثيقاً له فهنا يصحُّ لي المخالفة ... وإن لم يتبيَّنْ لِي مَأخذُ الحُكْم, مِن كَلامِ النَّاقد فلا يَحِلُّ ليَ المخالفة.
¥