تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(2) سُوءُ التَّلقِّي, وهو من لمْ يَحفَظ الحَديث من يَومِ سمع الحديث فلم يَضْبطْهُ فِي صَدرِهِ, وسَبُبُهُ: عدمُ الوَعْي التَّام أثناءَ سَماعِهِ من الشَّيخِ أو أثناء كتابَتِهِ الحديث. وهَذا مَا يعبَّر عنهُ العُلمَاء " سَمِعَ فِي حَالِ المُذَاكَرَةِ " فالعلَّة عدم الحفظ ليس ذات الذاكرة, لأنَّهُ قد يكونُ صغيراً أو ليسَ بمجلسٍ للكتاب.

(3) مَنْ حَفِظَ ثمَّ خلَّطَ, فيَروِي عَلَى خِلافِ ما سمِعَ وتلقَّى, وسَبُبُهُ: البدعةُ أو الهوى أوْ ضعفُ الحافظةِ أوْ عدمُ تعهّد المحفوظ بعد مدّةٍ من الزمن, أو الاخْتِلاط, حتى لو كان حفظ الصَّغير, ولهذا قولهم " الحفظ في الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ فِي الحَجَر " وهذا إنَّما هو تَشبيهٌ فِي أنَّ الصِّغر أقوى في ثَبَات الحِفْظِ, لا فِي النِّسْيَانِ.

- أمّا البِدعَة فكأنْ يعتَقِدَ أنَّ علياً أفضلُ مِن أبِي بَكر الصدِّيق وعُثمَان بن عفَّانَ, فلو جاءَ حَديثٌ فِي أنًّ أبا بَكْر أفْضلُ من عَليٍ فهوَ على حالتين/ إمَّا أنْ يردَّ الحديثَ. وإما أن يعتقدَ أنَّ للحَديثِ معنىً يُخَالفُ الظَّاهِر. وإمَّا أنْ يكونَ مِن أهلِ السُّنةِ فَينتَهِي الإِشكَالُ.

مثاله: حديثُ "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" –وفيه دلالةٌ أنَّ العَملَ من مسمَّى الإِيمانِ- رواهُ أبو حَنِيفةَ وأبُو لَيلَى –وهما مِنْ مُرجئَةِ الفقَهاءِ يخرِجون العملَ مِن مسمَّى الإيمان- فروياه "هذا جبريل أتاكم يعلمكم شَعَائِرَ دينكم" فنبَّهَ الإمامُ مسلم علَى هذه العِلَّةِ وقاَلَ: رووهُ بالصُّورةِ لأنَّه به يقوِّي مَذهبَهم. ولا يُقال إنِّهم تعَمدوا الكَذِبَ, إنَّما وقعُوا في الخَطَأ والوَهم, -خاصّةً- وأنهما: سيئا الحفظ.

مثالٌ آخرَ: ذكر ابن عديٍّ في ترجمة أحمد بن أزهر حديثا أن النبي قال "يا علي أنت سيد الأولين والآخرين" بإسناد ظاهره الصحّة عن ابن عبد الرزاق, فسمع ابن معين أنه يُروى عن ابن عبد الرزاق فَقَالَ: من روى هذا الحديث عن ابن عبد الرزاق فهو كذَّاب. فقام هذا الراوي في المَجلس: أنا رَويتُ هذا الحَدِيث. فلمَّا عَرف ابن معين صدقه أخبرَه أني أعلم أنكَ لسْتَ بكاذب. فقال ابن عديٍّ: عبدُ الرزاق من أهلِ السَّبق, وهو يُنْسَب إلى التشيّع, فلعله شبِّهَ عليهِ لأنَّه شيعِيٌ اهـ. والهوى قد يُعذر فِي صَاحِبه, يجْعلُ الإنْسَان لا يُحكِّم عقلَهُ, لأن المُسْلِمَ بحاجةٍ في كلِّ وقتٍ أن يسأل الله الهداية. فكانَ النبيًّ عليهِ السَّلام يقولُ في افتتاحه صلاة اللَّيلِ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِى لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» رواه مسلم.

وقَالَ ابن معين: لو ارتدَّ عبدُ الرزَّاقِ ما كتَبْنَا حديثه اه. يقصدُ أنَّ ثقتنا بعبدِ الرَّزاقِ وصحةَ أحَادِيثهِ فَوْقَ كلِّ شَيء.

(4) لا يُحْسِنُ الرِّوايَة والاخْتِصَار, مطلقاً أو في حديثٍ خاصةً, وهو بالمعنى الأعم: لا يستطيع الرواية بالمعنى ولها شروط كأن يكون فقيها –فقيه النفس فاهِماً, وباخْتِلافِ العُلمَاءِ- عالماً باللُّغةِ, فإن كان دونَهَ فإنَّه سيخطئ بالرواية غالباً.

(5) التَّسَاهُلُ في الرِّوَايَةِ وعَدَمُ الأخْذِ بِالحَدِيثِ, فَهذا عِنْدَ الرِّوايَةِ. ورقم (2) عندَ التلقِّي, وسَبَبُهُ: كسوله أثناءَ روايتِهِ بأنْ يَكونَ فِي مَجْلِسِ المُذاكرة أو مَشغولَ الذهن بأنْ يَكونَ جائعاً أو مريضاً أو كثيرَ التَّدْرِيسِ, وهذا واقِعٌ حقِيقِيٌّ عِنْدَ المُحدِّثِينَ.

ب- ضبط كتابة, وأنواعُ الوَهْمِ فِيهِ أربَعَةٌ:

(1) عَدَمُ الإِفادَةِ مِنَ الكِتَابِ, فراوٍ عنْدَه الكِتَاب ولكنه متِّكلٌ عَلى حفظِهِ, أو مَفقوداً كتابه, أوْ لَيسَ بَيْنَ يديهِ, أوْ تُحْرَق كتبُهُ, أو يَعْمِي بَعد بصرِهِ, أو يرحَلْ فَلا يحدِّث مِن أصوله كَمَا حصل مَعَ مَعْمَر بن رَاشِد لمَّا رحلَ إلى البصرةِ فلم يكن يُحدِّث من أصولِهِ, فحديثُهُ باليمنِ أصحُّ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير