تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قال ابن حجر حول حديث الغدير: انه حديث صحيح لا مرية فيه، و قد أخرجه جماعة كالترمذي و النسائي و احمد، و طرقه كثيرة جدا، و من ثم رواه ستة عشر صحابيا، و في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي (صلَّى الله عليه و آله) ثلاثون صحابيا و شهدوا به لعلي لما نُوزع أيام خلافته [8] … و كثيرا من أسانيدها صحاح و حِسان، و لا التفات لمن قدح في صحته [9].

و مما تقدّم يمكن استخلاص النقاط التالية:

· أن رسول الله (صلَّى الله عليه و آله) إنما أدلى بهذا الحديث بأمر من الله تعالى و ذلك بعد نزول آية التبليغ و هي: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [10]، في يوم الغدير تحثّه على تنصيب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) خليفةً له و إماماً للناس [11].

· التدبر في الآية السابقة و لهجتها الصارمة بصورة عامة، مضافا إلى التدبر في دلالة { ... وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... } يكشف لنا عن حساسية القضية و خطورة المسالة المطروحة.

· إن انتخاب " غدير خم " الصحراء القاحلة التي يلفحها الهجير و تلتهب رمالها بوهج الظهيرة كمكان لإلقاء حديث الغدير، و انتخاب المقطع الأخير من حياة الرسول (صلَّى الله عليه و آله) كزمان لإلقاء الحديث، وانتخاب الاجتماع التاريخي الحاشد الذي يشكله الحجاج العائدون من بيت الله الحرام كمستمعين لهذا الخطاب التاريخي الهام، إلى غيرها من الأمور إن عبرت عن شيء فإنما تعبّر عن أهمية ما أمر الله النبي (صلَّى الله عليه و آله) بإبلاغه، و هو تعيين المسار القيادي للامة الإسلامية دينيا و سياسيا.

· عدم إبلاغ النبي (صلَّى الله عليه و آله) الناسَ بولاية أمير المؤمنين (عليه السَّلام) يُعدّ مساويا لعدم تبليغ الرسالة الإلهية، و هذا مما يُبين أهمية مسالة الإمامة و القيادة و يفهم هذا المعنى من قول الله تعالى: { ... وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ... }.

· إن المخطط الإلهي للحياة البشرية مخطط حكيم و كامل و لا يمكن أن يهمل مسالة قيادة الأمة الإسلامية بعد الرسول (صلَّى الله عليه و آله) بدون تخطيط أو يترك الأمة من غير راعٍ و ولي، و هذا مما يدفع بالأمة إلى الانزلاق نحو هاوية الفتن والصراعات والتناقضات، و يكون سبباً لإهدار أتعاب الرسالة، و هو ما لا يقبله العقل السليم و لا يصدقه الشرع طبعاً.

· إن نزول آية الإكمال و هي: { ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ... } [12] في يوم الغدير بعد إبلاغ النبي (صلَّى الله عليه و آله) الناسَ بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) لدليل واضح على أن اكتمال أهداف الرسالة و ضمان عدم وقوع انحرافٍ أو فراغٍ تشريعي أو قيادي أو سياسي بعد الرسول (صلَّى الله عليه و آله)، إنما يتحقق في حالة استمرارية القيادة المنصوبة و المنصوص عليها من قبل الله.

· و في ضوء ما تقدمت الإشارة إليه من النقاط يمكن أن نفهم عمق العلاقة بين النصوص القرآنية [13] و الحدث التاريخي الكبير في يوم الغدير الذي تمّ من خلاله تعيين الخليفة و الإمام من قبل رب العالمين، و بواسطة رسوله الأمين (صلَّى الله عليه و آله) [14].

· و أخيرا: الحديث يحمل دلالة واضحة و صريحة على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) باعتباره المرشح الوحيد لتسلّم زمام الأمة بعد النبي (صلَّى الله عليه و آله)، و كونه الولي الشرعي المنصوب من قبل رب العالمين بواسطة سيد الأنبياء و المرسلين (صلَّى الله عليه و آله).

و هو الأمر الذي اعتبره الله عَزَّ و جَلَّ تكميلاً للرسالة و تتميماً للنعمة إذ قال: { ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ... }.

· للوقوف على تفاصيل حديث الغدير و ما يتعلق به و دراسته بصورة دقيقة وشاملة يمكن مراجعة الكتب التالية:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير