تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ووفق علم الفلك Astronomy الأرض كروية تدور حول نفسها ويدور القمر حولها وتدور معه حول الشمس في فلك Orbit يخصها, وتدور الشمس بالمثل حول مركز المجرة, وهكذا كل جرم في الكون يدور في فلك مُقَدَّر السرعة والأجل يخصه فلا تتعارض الأفلاك؛ وأجل دورة يصطلح عليه بالسنة, وسنة الشمس حوالي 250 مليون سنة أرضية تقطعها بسرعة بالغة قدرت بحوالي 240 كم\ثانية, فما لنا نحسب الأرض ساكنة؛ لأنك تعتلي ظهر دابة تمر بك يوميا وسنويا فتبدو لك المعالم حولك متحركة وهي ساكنة, ووفق علم الفيزياء Physics حركة الأجرام نسبية؛ ولك إذن أن تردد بلا استحياء من مخالفة حقيقة قطع بها العلم مقولة القدماء من أن الأرض ساكنة, فلا يُعاين حركة الأرض حول الشمس إلا مراقب خارج النظام الشمسي, وما توصل إليه علم الفلك بعد جهود مضنية لقرون إنما هو قائم على استنتاج لا مُعاينة, إنه حقيقة النظام لا المشهد المرصود.

والنسبية Relativity بديهة في القرآن الكريم؛ فقد يرد الوصف بالحركة منسوبًا للبشر دالا على المشهد المرصود, وقد يرد مُجَرَّدًا من النسبة لهم كاشفًا الحقيقة الغائبة زمن التنزيل, فوُصِفَت النجوم بالثبات بالنسبة للبشر حتى أنها تُتَّخَذ معالم لبيان الموضع والاتجاه كمعالم الأرض في قوله تعالى: ?وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ? الأنعام: 97, وقوله تعالى: ?وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ? النحل: 16, و (لَكُمُ) و (هُمْ) هما قرينتَا النسبة للبشر, وقد يرد وصف الأجرام بالحركة مُجَرَّدًا من النسبة للبشر شاملا للنجوم بخلاف السائد من كونها ثوابت كما في قوله تعالى: ?وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ? الأعراف: 54؛ أي مسيرات بتقديره تعالى كل منها في فلك يخصه مقدر السرعة والمدة بلا صدام, قال ابن كثير: "النجوم الثوابت والسيارات في أرجاء السماوات .. كل منها يسير في فلكه الذي جعله الله تعالى فيه يسير بحركة مُقدرة لا يزيد عليها ولا ينقص منها", وقوله تعالى: ?اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى? الرعد: 2؛ يخلو كذلك من النسبة للبشر, ولم يُذْكَر من الأجرام سوى الشمس والقمر, ولكن التعبير (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) قد مدَّ الوصف بالحركة المُقَدَّرَة ليشمل كل الأجرام في الكون, قال القاسمي: "التنوين في لفظ (كُلٌّ) عوض عن الإضافة (للأجرام)؛ والمعنى كل واحد .. في فلك خاص به يسبح بذاته", وقال ابن عطية: "والشمس والقمر في ضمن ذكرهما ذكر الكواكب (والنجوم)، ولذلك قال (كل يجري لأجل مسمى)؛ أي كل ما هو في معنى الشمس والقمر من (المسخرات) .. , وقال ابن عباس .. : قدر لكل منهما سيراً خاصاً .. بمقدار خاص من السرعة", وقال الألوسي: " (كُلٌّ يَجْرِى) يسير في المنازل .. (لأجل مُّسَمًّى) أي وقت معين .. ليُتم دورته, وهو المروى عن ابن عباس، وقيل (كل يجري) لغاية ينقطع دونها سيره .. وهذا مراد مجاهد من تفسير الأجل المسمى بالدنيا .. ، والتفسير الحق ما رُوِىَ عن الحبر؛ وأما الثاني فلا يُناسب (مقام) التسخير والتدبير", وقال ابن عاشور: "المراد تعميم هذا الحكم للشمس والقمر وجميع الأجرام وهي حقيقة علمية سبق بها القرآن".

وبالمثل في قوله تعالى: ?حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا? الكهف: 86؛ ليس عند جرم الشمس قوم يقطنون ولا هو فعليًّا يغرب يوميًّا في عين؛ وإنما الوصف قائم على ما يبدو للناظر لأنه منسوب لذي القرنين في التعبير (وَجَدَهَا) و (وَوَجَدَ عِنْدَهَا) , يعني: وفق ما تراءى له عند شاطئ المحيط الغربي, وفي مقابل الحركة الظاهرية للشمس تلك ورد وصف حركتها الفعلية في فلك يخصها مُجَرَّدًا من النسبة للبشر, وهي حركة سريعة وُصِفَت بالجري بخلاف الحركة اليومية الظاهرية البطيئة للشمس التي لا يناسبها الوصف بالجري, قال تعالى: ?وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير