وليس من الناسخ والمنسوخ في شيء؛ غير أن قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} يثبت أن البيوت في الآية الأخرى إنما يراد بها المسكونة، فيكون تخصيصا لا نسخا.
3/ قال ابن عمر –رضي الله عنهما- في قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} منسوخة بقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}.
قال البيهقي:" و هذا النسخ بمعنى التخصيص و التبيين".
4/ قال ابن عباس -رضي الله عنهما-في قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} منسوخ بقوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ}.
5/ قال ابن عباس-رضي الله عنهما-في قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} أنه ناسخ لقوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}، فإن كان المراد أن طعام أهل الكتاب حلال وإن لم يذكر اسم الله عليه؛ فهو تخصيص للعموم، وإن كان المراد أن طعامهم حلال بشرط التسمية؛ فهو أيضا من باب التخصيص، لكن آية الأنعام هي آية العموم المخصوص في الوجه الأول، وفي الثاني بالعكس.
6/ قال ابن عباس –رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} وقوله تعالى {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ}:منسوخ بقوله تعالى: {ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فمالكم عليهن من عدة تعتدونها}.
7/ قال عبدالملك بن حبيب -رحمه الله- في قوله: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا}، وقوله: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا}: إنه منسوخ بقوله: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية، وهذا من الأخبار التي لا يصح نسخها، والمقصود أن عموم الأعراب مخصوص فيمن كفر دون من آمن.
8/ قال أبو عبيد-رحمه الله- وغيره: إن قوله: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} منسوخ بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} الآية،والصحيح أنه ليس نسخا وإنما من باب تخصيص العموم.
ب. إطلاقهم النسخ على تقييد المطلق:
1/ قال قتادة -رحمه الله- في قوله: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}: إنه منسوخ بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، والصحيح أنهم إنما أرادوا بالنسخ أن إطلاق سورة آل عمران مقيدة بسورة التغابن.
2/ قال عبد الملك بن حبيب -رحمه الله- في قوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} وقوله: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}،وقوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ}:إن ذلك منسوخ بقوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، وهذه الآية إنما جاءت في معرض التهديد والوعيد، وهو معنى لا يصح نسخه؛ فالمراد أن إسناد المشيئة للعباد ليس على ظاهره، بل هي مقيدة بمشيئة الله سبحانه.
ج. إطلاقهم النسخ على اختلاف المعاني:
- قال ابن عباس -رضي الله عنهما-في قوله: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}: إنه منسوخ بقوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّة}، والآيتان في معنيين، ولكنه نبّه على أن الحكم بعد غزوة تبوك أن لا يجب النفير على الجميع.
د. إطلاقهم النسخ على بيان المبهم:
1/ عن مجاهد وعكرمة-رحمهما الله- في قوله تعالى: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُول}،قالا: كانت الأنفال لله والرسول حتى نسخها الله بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَه}،
قال الشاطبي: "وإنما ذلك بيان لمبهم في قوله: {لِلَّهِ وَالرَّسُول} ".
2/ قال عطاء-رحمه الله- في قوله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}: إنه منسوخ بآية المواريث.
والجمع بين الآيتين ممكن؛ لاحتمال حمل الآية على الندب، والمراد بأولي القربى من لا يرث، بدليل قوله: {وَإِذَا حَضَرَ} فقيد كما ترى الرزق بالحضور؛ فدل أن المراد غير الوارثين، وبين الحسن-رحمه الله- أن المراد الندب أيضًا بدليل آية الوصية والميراث؛ فهو من بيان المجمل والمبهم.
3/ عن عراك بن مالك وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب-رحمهم الله- في قوله: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} قالوا: منسوخ بقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}، وليس بنسخ، وإنما هو بيان لما يسمى كنزا، وأن المال إذا أديت زكاته لا يسمى كنزا، وبقي ما لم يزك داخلا تحت التسمية؛ فليس من النسخ في شيء.
...............
البحث موثق بالمراجع على هذا الرابط:
http://sub3.rofof.com/010rapgz20/Al-nskh.html
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح،
..............
¥