تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والتنازع، ورغم أن هناك بعض العلماء تؤخذ فتاواهم وتقبل، وقد نفع الله بهم إلا أن الفتوى الجماعية تكون أقوى وأنفع للأمة في دنياها وأخراها لاسيما في قضايا الأمة الخطيرة.

علامات ضعف الأمة

* كذلك رأيكم في ظهور الفتاوى والمفتين في القنوات العديدة ومنها بعض القنوات غير المنضبطة بالضوابط الشرعية؟

ــ هذه علامة على ضعف الأمة ووهنها، وأنها بحاجة إلى العودة إلى النبع الصافي والهدي النبوي، وظهور هؤلاء المفتين الذين يفتون بالرأي والهوى ويفتون أيضاً بغير علم فيوقعون الأمة في الحرج، ويتسببون في إيقاع الكثير من المسلمين في مخالفات شرعية عظيمة، كمن يحلل الربا، ويسميه بغير اسمه، وكمن يتساهل في تحليل بعض الذنوب والمعاصي المنصوص على تحريمها كالغناء، والتمثيل، وشرب الخمور، وغير ذلك مما جاءت الأدلة على تحريمها، وأيضاً هناك من يتساهل في مسألة الهدي الظاهر للمسلم والمسلمة كالحجاب واللحية وغير ذلك، فيجب على المسلمين الوقوف ضد هذه الظاهرة لكي تعود الأمة إلى رشدها وتحفظ كيانها من الانهيار والتردي. فلا يجوز لأحد الإفتاء بالرأي أو الهوى، ولا يجوز المصير إلى الرأي قبل العمل على تحصيل النصوص الواردة في المسألة، أو القول بالرأي غير المستند إلى الكتاب والسنة، بل بمجرد الخرص والتخمين، وقد قال النبي لمعاذ رضي الله عنه:=كيف تقضي؟ قال: أقضي بما في كتاب الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي، فقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله. وعن عمر رضي الله عنه أنه قال لشريح: ما استبان لك من كتاب الله فلا تسأل عنه، فإن لم يستبن لك في كتاب الله فمن السنة، فإن لم تجده في السنة فاجتهد رأيك قال ابن القيم رحمه الله: وقالت طائفة من أهل العلم: من أَدَّاه اجتهاده إلى رأي رآه ولم تقم عليه حُجَّة فيه بعد فليس مذموماً، بل هو معذور، خالفاً كان أو سالفاً، ومن قامت عليه الحُجَّة فعاند وتمادى على الْفُتْيَا برأي إنسان بعينه فهو الذي يلحقه الوعيد؛ وقد روينا في مسند عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله:مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ.

وإني أوجه نصيحتي لمن يفتي بغير علم أن يتقي الله تعالى، وأن يعلم أنه موقوف بين يديه يوم القيامة وسوف يسأله عن كل ما تكلم به، وأنه سوف يحاسب حسابا عسيراً لأنه تقوَّل على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم، وسوف يلاقي جزاءه الموعود به على لسان نبينا محمد الذي قال من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (رواه مسلم). نسأل الله الهداية للجميع، وأن يرد هؤلاء إلى الحق والرشاد، وأن يكفي أمة الإسلام شر الفرقة والتنازع، وأن يجمع القلوب على الحق والهدى.

الاجتماع في الفتوى

* هل ترون أن الاجتهاد الجماعي في هذه الفترة الحرجة ضرورة يلزم طلاب العلم وأصحاب القرار أن يتبنوها؟ وكيف السبيل إلى تحقيق ذلك؟

ــ لقد حث الإسلام على الاجتماع، وحذرهم من الفرقة والاختلاف، قال تعالى: [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا] (آل عمران: الآية 103)، وقال "إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة ويد الله على الجماعة (رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع)، وقال أيضاً: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم .. (رواه مسلم)، وقال أيضاً:=اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا عنه) (متفق عليه)، وقال:=يد الله مع الجماعة+ (رواه الترمذي، والنسائي، وابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع). وقال: من فارق الجماعة شبرا فميتته جاهلية+ (متفق عليه). وقال ابن مسعود ÷ في تفسير قوله تعالى: [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا] =عليكم بالجماعة فإنها حبل الله الذي أمر الله به، وإن ما تكرهون في الجماعة والطاعة خير مما تجدون في الفرقة. فهذه الأدلة وغيرها كثير فيها حث على الاجتماع وعدم الفرقة، ومعلوم أن الاجتماع على الحق هو سبيل قوة المسلمين، والفرقة هي سبيل الضعف والوهن لهم. والاجتماع في الفتوى هو سبيل العلماء الربانيين، وهو أساس الرباط المتين للأمة، فمتى اجتمع المسلمون على مسألة واحدة كان ذلك أدعى لعامة المسلمين بالأخذ بها والتمسك بما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير