(المتون المختارة هي من أشهر المتون في أبوابها، وطبعاتها كثيرة جداً، فكان في ذلك غنى عن مراجعة النسخ الخطيَّة، وإن كان الثاني أولى، ولكنه يتطلب جهداً، وقد تطول حواشي الطبعة لإثبات فروق أكثرها لا يقدم ولا يؤخر.
وقولي في بعض المواضع: (كذا في نسخة) أو (جاء في بعض النسخ)، ونحوها فإنَّما أعني به النسخ المطبوعة، ما لم أقيده بالمخطوطة، فلْيُعْلم هذا) أ. هـ
فأين التدليس الذي قال الأخ** بارك الله فيه؟
ثم إنَّي قمت بإعداد (اثنين وثلاثين) متننًا، وهي غير قليلة، ولو قمت بتتبع النسخ الخطية لكل متن من هذه المتون، وقابلتها ببعض؛ لاستغرق ذلك وقتًا طويلاً، ولتطلب جهدًا كنت في غنى عنه لشهرة هذه المتون، وجودة بعض طبعاتها، ولشهرة هذه المتون فإنَّ نسخها الخطية كثيرة جدًا، ولا تخلوا كل مكتبة من عشرات النسخ، فالبحث عن هذه النسخ، ومراجعتها لاختيار أجودها، يتطلب وقتًا طويلاً.
(النقطة الثالثة):
ما يخص الأخطاء الواردة في المتون، مثل السقط اليسير، والأخطاء المطبعية؛ فهذا واردٌ، ولم يسلم منه سوى ”كتاب الله”. ولكن هناك سببٌ في وجود هذه الأخطاء، لا يعرفها إلا الخواص عندما حدثتهم به، ولا بأس أن أنقله لكم؛ فقد جمعت هذه المتون وسهرت في النسخ والمقابلة وبذلت جهدًا لا يعلمه إلى الله، ثم أرسلت ”العمل” كاملاً مصحّحًا، ومدققًا، ومراجعًا مرتين، إلى من كانوا عندي في محل الثقة، واتفقت معهم على أن يقوموا بصف الكتاب بصورة بيّنتها لهم، وكنت وقتها منشغلاً بتحقيق ”تيسير العزيز الحميد”، فخفت أن يأتي الكتاب مصفوفًا، فتأخذ مني مقابلة المصفوف على ”الأصول” وقتًا ليس باليسير، وانشغل عن تحقيق ”التيسير”، بعملٍ يمكن أن يقوم به غيري، فاتفقت معهم على أن يقابلوا الكتاب بعد صفه بالعمل الأصلي، ويراجعوا الكتاب كاملاً، بما في ذلك تصويب الأخطاء المطبعية والإملائية إن وجدت. وأنْ لا يأتني الكتاب إلا بالصورة النهائية [السحبة الأخيرة]، وكل هذا كان بحسابه، وفعلاً وصلني الكتاب من ”مصر” مصفوفًا، فظننت أنَّ الأمرَ حسب المتفق عليه، وأنَّ الكتابَ وصلني مقابلاً على أصوله مرتين، ومراجعًا، وقد روجعت الأخطاء المطبعية ... هذا هو ما كان يجب أن يكون، ولم يرسلوا لي ”الأصول” التي أرسلتها لهم، فقرأت ”الكتاب” قراءة سريعة، فرأيتُ بعضَ الأخطاءِ، وأصلحتُها من الذاكرة لتحقُّقي من وجه الصواب، ثم أرسلت الكتاب إلى ”بيروت”.
وبعد وصول ”الكتاب” فاجأني بعض الأفاضل ببعض الملحوظات، فقابلت هذه المواضع بالأصول ـ وكانت وقد وصلتني متأخرة ـ فرأيت هذه الملحوظات قد جاءت على الصواب في ”الأصول” فأصابني غمٌ شديد.
وسيكون ”الجامع” عند حسن الظن في الطبعة الثانية إنْ شاء الله؛ بشرط: أنْ يقف معي إخواني طلاب العلم ويزودوني بكل ما لديهم من ملحوظات، وقد فعل بعضهم، وسبق بالفضل.
(النقطة الرابعة):
لا أدعي سلامة عملي هذا من السقط والخطأ، وقد قال الأول:
إِنْ تَجِدْ عَيْباً فَسُدَّ الْخَلَلاَ جَلَّ مَنْ لاَ عَيْبَ فِيهِ وَعَلاَ
ولا تنس أنَّ هذا الجامع جمع (اثنين وثلاثين) متناً، ما بين نثرٍ ونَظْمٍ، ومن الصعوبة أن يخرج هذا العمل مضبوطاً بالشكل دون خطأ.
وأخيرًا: أود أن أشير إلى أنَّ عملي في ”الجامع” امتاز عن غيره ـ مع احترامي لكل من اهتم بجمع وطبع المتون قبلي وبعدي ـ بأربعة أمور:
الأمر الأوّل: شمل هذا ”الجامع” العلوم الآتية: علوم القرآن ـ والعقيدة ـ والحديث وعلومه ـ والفقه وأصوله ـ ومختصر سيرة النبي ?، وسيرة أصحابه العشرة ـ والوصايا، والزهد والآداب والحِكَم ـ والنحو والصرف.
وعليه فهو أجمع للمواد العلمية من غيره.
الأمر الثاني: مقابلة أكثر المتون على أكثر من نسخة؛ لتلافي السقط الوارد في بعض الطبعات.
الأمر الثالث: ضبط كامل المتون بالشكل.
الأمر الرابع: أدرجت في مقدمة ”الجامع” مباحثَ تمهيدية، لم أرَ الاهتمام بها في الكتب التي جمعت بعض المتون، وجعلتها مدخلاً للكتاب.
وقد قسمت هذا ”الجامع” إلى قسمين:
القسم الأوّل: وهو المدخل لـ: ”الجامع”، ويحتوي على أربعة مباحث؛ كالآتي:
المبحث الأوّل: [مبادئ العلوم العشرة].
ومعرفة هذه ”المبادئ” تساعد طالب العلم على تكوين صورة إجمالية للعِلْمِ الذي يقرأ فيه.
المبحث الثاني: [مراجع العلوم الشرعية، والعربية، والتاريخية].
ذكرت فيه الكتب التي اهتمت بذكر الكتب العلمية على الفنون، والتعريف بها، وبمناهج مصنفيها، وهو مبحث مهم لتيسير الانتفاع بالكتب العلمية، وبيان أهم الكتب المصنفة في كل باب.
المبحث الثالث: [مراجع مختارة في الكلام على العلم، فضله، والحث عليه، والمنهج في طلبه].
المبحث الرّابع: [التعريف بالمتون العلمية الواردة في ”الجامع”].
تحدثت فيه عن المتون باختصار، وشمل الكلام على كل متن ما يأتي:
اسم المصنف مع بيان كنيته، ولقبه، ومذهبه الفقهي، وتاريخ ولادته ووفاته، ثم تكلمت على المتن بإيجاز، مع ذكر شرحين له أو أكثر.
القسم الثاني: وهو خاص بنص ”المتون العلمية”، مضبوطة بالشكل، بعد تصحيحها، ومقابلتها على أكثر من نسخة.
وبعد كل هذا ليعلم الجميع بأنَّي ما جمعت هذه المتون للتكسب بها، ومع هذا كافأني النَّاشر بمبلغ، وضعته في مكانٍ لا يعلمه إلا الله، برجاء أن ألقاه عند الله في يوم لا ينفع في مال ولا بنون. واتفقت مع النَّاشر ـ وفقه الله ـ أن يعتني بطبع ”الجامع” وأن لا يرفع سعره، وفعلاً طبعناه على ورقٍ فاخر (شامواه ـ 80 جرام)، وتجليد فاخر، ولا أظن أن طالب العلم سيجد كتابًا بهذه الطباعة، وفي ثمانمئة صفحة بـ (عشرين) ريالاً.
هذا ما عندي؛ فآمل أنْ تنشر رسالتي هذه للأخوة الأفضال في ”الملتقى” للاطلاع عليها، وإبلاغ الجميع سلامي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
وكتبه محبكم:
أبو محمد، عبدالله بن محمد، الحوالي، الشمراني
ص ب: (103871) ـ الرياض: (11616)
Email: [email protected]
¥