[اختلاف المعايير في النقد "نفخ الكتب".]
ـ[أبو عمر العتيبي]ــــــــ[25 - 12 - 02, 09:34 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الله عز وجل قد أنعم على المسلمين في هذه العصر بوفرة كتب العلم وانتشارها، وتسهيل الحصول عليها، والنهل منها.
فقد كان الناس قبل نحو خمسين سنة يجدون شحة في الكتب حتى أن بعض القرى لا تكاد تجد كتباً فيه إلا بعض الكتب عند القاضي أو الشيخ إن وجد.
فنحمد الله على نعمه والمزيد من فضله.
وفي عصر انتشار طباعة الكتب، وإقبال الناس عليها نجد أن حب الدنيا والتكثر منها قد ظهر وبان، فدخل في مجال نشر الكتب وطباعتها كل من هب ودبَّ ودرج.
فطبعت كتب من كتب التراث والتي لا يكاد يستغني عنها طالب علم طبعات سيئة وسقيمة، حتى صار اقتناؤها من باب الاضطرار والإكراه لا من باب الحب والاختيار حيث لا يوجد سواها.
فكتاب تفسير ابن كثير طبعت طبعات عديدة وأكثرها سقيم، وطبع الكامل لابن عدي طبعات سقيمة وناقصة إلى يومنا هذا، والضعفاء للعقيلي طبعاته سقيمة إلى يومنا هذا وغيرها من الكتب الكبار والصغار التي تعاني من سوء إخراجها وتحقيقها.
## في الثلاثين سنة الماضية لمعت أسماء في مجال التحقيق وإخراج الكتب فصارت حديث الناس، ومثار اهتمامهم، ومن أسباب الحرص على شراء الكتب ومن أمثلتهم: محمد محي الدين عبد الحميد، العلامة المعلمي، حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، عزت عبيد الدعاس، محمود زايد، محمد فؤاد عبد الباقي، محب الدين الخطيب، والشيخ أحمد شاكر، والشيخ محمد رشاد سالم وغيرهم.
وعند تفحص طبعات معظم من سبق ذكره نجد أن طبعاتهم سقيمة وضعيفة التحقيق وقد حوت من السقط والتحريف ما حوت مما اضطر أهل العلم وطلابه إلى معاودة تحقيق تلك الكتب والتنافس في ذلك.
فظهر محققون من طلاب العلم والحريصين عليه فأعادوا تحقيق كثيراً من كتب التراث فطبعوها طبعات منمقة ومحسّنة.
ولكن لم يطل فرح أهل العلم لدخول هذا المجال من ليس من أهله مما زاد في تكرار الطبعات السيئة كطبعات يقوم على تحقيقها: بسيوني زغلول، عبد القادر عطا، مصطفى عطا، عبد الغفار البنداري، سيد كسروي ونحوهم مما زادوا في سوء طبعات الكتب.
ولكن وجدت تحقيقات لبعض طلبة العلم فرح بها أهل العلم حيث خرجت كتب محققة في رسائل علمية بإشراف هيئات علمية، أو طلبة تخصصوا في هذا وجد في تحقيقاتهم حسنٌ أفضل من سابقه ولكن ما زال الأمر يحتاج إلى عناية.
## فطبعت رسائل علمية لا تختلف في سوء الطباعة عن غيرها من الطبعات التجارية كما حل بكتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي، وغيره من الكتب.
وكذلك برز جماعة من طلبة العلم في الأردن حمد الناس تحقيقاتهم ومع ذلك وجد فيها ما يشابه في السوء الطبعات التجارية ككتاب الاعتصام للشاطبي وكتاب زاد المستقنع للبهوتي وغير ذلك.
ولكن هذا لا يجعلنا نهضم حق أولئك الذين اعتنوا بكتب التراث فأحسنوا غالباً في إخراج الكتب كمحققي الكتب بالرسائل العلمية الجامعية، ومشايخ الأردن وبعض مشايخ مصر واليمن، وجماعة من طلبة العلم والمشايخ في السعودية والكويت والهند وغير ذلك.
#### نفخ الكتب ####
ظهرت في الآونة الأخيرة نداءات من مشايخ وطلبة علم تنادي بترك نفخ الكتب، وتحقيق الكتاب بما لا بد منه بدل الإسهاب في الحواشي والتعليقات.
ولكن للأسف هذا "النفخ" أصبح شرطاً لقبول الرسائل العلمية في الجامعات، فإما أن "تنفخ" وإما أن تقل درجتك! وربما لم تقبل رسالتك!
ووجدت كتب تحتاج إلى "نفخ" حتى يتم الاستفادة منها، ومع ذلك نجد الاقتضاب مما يقلل فائدة الكتاب.
فضاع الناس بين محاربي "النفخ" وبين المنادين به!!
والحق أن "النفخ" –إن صح التعبير- منه ما هو محمود مطلوب، ومنه ما هو مذموم مرذول.
فـ"النفخ" المحمود هو ما كان الكتاب محتاجاً إليه لتخريج حديث يطول في تخريجه لبيان صحته أو ترجيحه على معارض، أو بيان معنى، أو توضيح مشكل، أو رد على متأول أو معطل بما يقتضيه المقام.
¥