تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مقاصد التأليف عند أرسطو والعلاَّمة ابن خلدون رحمه الله

ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[08 - 03 - 03, 12:00 ص]ـ

• قال العلاَّمة الكبير عبدالرحمن بن خلدون (808هـ) في مقدمة كتابه ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر، ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر (ص/731 - 732)، بعد أن عقد فصلاً بعنوان:

(الفصل الخامس والثلاثون: في المقاصد التي ينبغي اعتمادها بالتأليف، وإلغاء ما سواها)؛ قال رحمه الله:

(( ... ثم إنَّ الناس حصروا مقاصد التأليف التي ينبغي اعتمادها، وإلغاء ما سواها = فعدُّوها سبعة:

• أولها: استنباط العلم بموضوعه، وتقسيم أبوابه، وفصوله، وتتبُّع مسائله، أو استنباط مسائل ومباحث تعرض للعالم المحقِّق، ويحرص على إيصالها بغيره؛ لتعمَّ المنفعة به فيودع ذلك بالكتاب في المصحف، لعلَّ المتأخر يظهر على تلك الفائدة.

كما وقع في الأصول في الفقه؛ تكلَّم الشافعي أولاً في الدلالة الشرعية اللفظية ولخَّصها.

ثم جاء الحنفية فاستنبطوا مسائل القياس واستوعبوها، وانتفع بذلك من بعدهم إلى الآن.

• وثانيها: أن يقف على كلام الأولين وتآليفهم؛ فيجدها مستغلقة على الأفهام، ويفتح الله له في فهمها، فيحرص على إبانة ذلك لغيره، ممن عساه يستغلق عليه، لتصل الفائدة لمستحقها.

وهذه طريقة البيان لكتب المعقول والمنقول، وهو فصلٌ شريفٌ.

• وثالثها: أن يعثر المتأخر على غلطٍ أو خطأٍ في كلام المتقدمين؛ ممن اشتهر فضله وبعُد في الإفادة صيته، ويستوثق في ذلك بالبرهان الواضح الذي لامدخل للشك فيه.

فيحرص على إيصال ذلك لمن بعده.

إذ قد تعذَّر محوه ونزعه بانتشار التأليف في الآفاق والعصار، وشهرة المؤلّف ووثوق الناس بمعارفه؛ فيودع ذلك الكتابَ؛ ليقف على بيان ذلك.

• ورابعها: أن يكون الفنُّ الواحد قد نقصت منه مسائل او فصول، بحسب انقسام موضوعه؛ فيقصد المطَّلع على ذلك أن يتمِّم ما نقص من تلك المسائل؛ ليكمل الفنُّ بكمال مسائله وفصوله، ولا يبقى للنقص فيه مجال.

• وخامسها: أن تكون مسائل العلم قد وقعت غير مرتبة في أبوابها ولا منتظمة؛ فيقصد المطَّلع على ذلك أن يتربها ويهذِّبها، ويجعل كل مسألة في بابها.

كما وقع في المدونة من رواية سحنون عن ابن القاسم، وفي العتبية من رواية العُتَبي عن اصحاب مالك.

فإنَّ مسائل كثيرة من ابواب الفقه منها قد وقعت في غير بابها؛ فهذَّب ابن أبي زيد المدوَّنة، وبقيت العتبيَّة غير مهذَّبة.

فنجد في كل باب مسائل من غيره.

واستغنوا بالمدونة، وما فعله ابن أبي زيد فيها والبرادعي من بعده.

• وسادسها: أن تكون مسائل العلم مفرَّقة ي أبوابها من علوم أخرى فيتنبَّه بعض الفضلاء إلى موضوع ذلك الفنِّ وجميع مسائله؛ فيفعل ذلك، ويظهر به فنٌّ ينظمه في جملة العلوم التي ينتحلها البشر بافكارهم؛ كما وقع في علم البيان.

فإنَّ عبدالقاهر الجرجاني وأبا يوسف السكاكي وجدا مسائل مستقرية في كتب النحو، وجمع منها الجاحظ في البيان والتبيين مسائل كثيرة؛ تنبَّه الناس فيها لموضوع ذلك العلم وانفراده عن سائر العلوم.

فكتبت في تآليفهم المشهورة، وصارت أصولاً لفنِّ البيان، ولقنها المتأخرون فاربوا فيها على كلِّ مقدِّم.

• وسابعها: أن يكون الشيء من التآليف التي هي أمهات للفنون مطوَّلاً مسهباً؛ فيقصد بالتأليف تلخيص ذلك؛ بالاختصار والإيجاز وحذف المتكرِّر إن وقع، مع الحذر من حذف الضروري لئلاَّ يُخلَّ بمقصد المؤلِّف الأول.

• فهذه جماع المقاصد التي ينبغي اعتمادها وما سوى ذلك ففعل غير محتاج إليه، وخطأ عن الجادة؛ التي يتعيَّن سلوكها في نظر العقلاء.

• مثل انتحال ما تقدَّم لغيره من التأليف = أن ينسبه إلى نفسه ببعض تلبيس ‍؛ من تبديل الألفاظ وتقديم المتأخر وعكسه، او يحذف ما يحتاج إليه في الفنِّ أو يأتي بما لا يحتاج إليه، او يبدِّل الصواب بالخطأ، أو يأتي بما لا فائدة فيه = فهذا شأن أهل الجهل والقحة.

• ولذا قال أرسطو لمَّا عدَّد هذه المقاصد ن وانتهى إلى آخرها: وما سوى ذلك ففصل او شرهٌ؛ يعني بذلك: الجهل والقحة.

• نعوذ بالله من العلم في ما لا ينبغي للعاقل سلوكه، والله يهدي للتي هي أقوم)) انتهى بنصه.

• قال أبو عمر السمرقندي (عامله الله بلطفه الخفي): فاتهما أمران:

• الأول: كان موجوداً في زمانه وقبله بأمدٍ؛ ألا وهو أمر الترجمة، نقل العلم من لغة لأخرى، وقد يدخل تحت القسم الثاني، لكن بينها فرق من جهات.

وهو فن لا يحسنه كل فاهم للغات؛ خاصة إذا كان الأمر يتعلق بترجمة علمية دقيقة.

• الثاني: ولم يكُ موجوداً كفنٍّ في ذاك الزمن؛ بل ولا بعده بزمن، لا وهو فن (التحقيق).

• استخراج كتب أهل العلم وضبط نصوصها، وما ليس كذلك مما هو بيان مشكل أو عزو حديث أو غير ذلك = فهذا داخل في النوع الثاني أيضاً؛ وهو ما قد يسمَّى أيضاً بالحواشي والتقريرات و ... الخ.

• قال أبو عمر: وعليه فعلى كل امريء يكتب شيئاً من العلم؛ كتاباً أو غيره! = أن ينظر هل هو داخلٌ في تلك الأقسام المتقدمة أو لا، فيُقدم أو يحجم، وبالله التوفيق،،،

• تنبيه مهم:

• قال أبو عمر: هذا الفصل المهم من كتاب ديوان المبتدأ والخبر = سقط (بتمامه) من برنامج التراث، برنامج التاريخ والحضارة الإسلامية!!

• فأخبروهم؛ لعلهم يستدركونه، جزاهم الله خيراً وبارك في جهودهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير