تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مزالق في التحقيق - الحلقة الخامسة]

ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[31 - 10 - 02, 10:43 ص]ـ

[مزالق في التحقيق - الحلقة الخامسة]

بقلم: عبدالله بن محمد الشمراني

المزلق الثامن: «المشاغبة في التعليق، والتعقيب»:

وأعني بذلك المزلق: ان يأتي الباحث فيعلق على كلام احد العلماء، او يتعقبه فيأتي بجملة اعتراضية خارجة عن ادب الحوار العلمي، وليس فيها فائدة، وهذا ما اسميه «المشاغبة».

ف: «المشاغبة»: إدراج مالا مناسبة له، ولا فائدة فيه، او ما من شأنه الاثارة.

فالكتب العلمية، وكذلك التحقيق العلمي، ينبغي ان تتسم بالجدية، والبعد عن الاساليب الصحفية، والمهاترات الكلامية، فهي لا تصلح لكتاب جاد يعتمد على الصياغة العلمية الحرة.

فيجب على المؤلف، او المحقق ان يصب جهده في الموضوع الذي يتولاه، ويحاول قدر استطاعته تقليل التساؤلات وعلامات التعجب، والكلام غير العلمي، الذي لا يخدم البحث، دون التعرض لشخص المصنف.

فلو أردت تحقيق مخطوط ووجدت وهماً او خطأً من المؤلف فلا تسيء الادب في الحاشية، ولا تطيل بما لا يخدم البحث، بل التزم بيان الحق بأقصر عبارة، فأنت هنا محقق لا مؤلف، فتسود الصفحات.

فلو قال المصنف: «اخرجه الشيخان». وهو عند أحدهما، قل في حاشيتك:

«بعد البحث، وجدت ان الحديث عند مسلم فقط». ثم اذكر الجزء والصفحة، ولا تكتب اكثر من ذلك، والقارئ سيعرف تبعاً ان المؤلف قد وهم.

ولو صحح المؤلف ضعيفاً عندك، فلك ان تبرز رأيك بقولك:

«والحديث ضعيف، لوجود «فلان»، ومدلس وقد عنعن».

ثم وثق كلامك، ولا تكتب أكثر من هذا.

وأقصد بقولي: «لا تكتب اكثر من هذا». اي: مما يضرك، وينقص من تحقيقك امام النقاد.

«مثال ذلك»:

«1» قال ابن القيم - رحمه الله - في: «مفتاح دار السعادة» «3/ 228» عن اسناد حديث عند ابن ماجة: «وهؤلاء كلهم: رجال ثقات، حُفَّاظٌ».

فقال المحقق - وهو: الشيخ الحلبي وفقه الله - في ح «1»:

«نعم، ولكن ماذا تفعل - ايها الامام - بالانقطاع بين ابي قلابة والنعمان، وقد اعله به البيهقي؟!» أ. هـ

والاولى أن يقول:

«نعم رجاله ثقات، ولكن فيه انقطاع بين ابي قلابة والنعمان، وقد اعلّه به البيهقي».

فيحذف التساؤل، وعلامتي: الاستفهام، والتعجب.

وقد يؤخذ من التساؤل بهذه الصيغة ازدراء امامة ابن القيم، الامر الذي قد يأباه المحقق.

بل ذكر المحقق منهجا سليماً في هذا الكتاب، حيث علق على عبارة المصنف «3/ 308»:

«وذكر ابن وهب قال: اخبرنا اسامة .. ».

فقال المحقق في ح «1»:

«لم أره فيما عندي من «جامعه» وقد رواه - البيهقي في «الدعوات الكبير» «501» بسند فيه جهالة» أ. هـ

وهذه عبارة ادت الى المقصود من التحقيق.

«2» ومثال التأليف، كتاب: «نهي الصحبة عن النزول بالركبة»، للشيخ الفاضل: ابي اسحاق الحويني فقد قال المصَنِّف وفقه الله «ص11»:

«قال شيخ الاسلام رضي الله عنه: «وحديث أبي هريرة لعل متنه انقلب .. الخ».

قلت: أصاب شيخ الاسلام اجراً واحداً. فما قاله أقرب الى الرجم بالغيب! منه الى التحقيق العلمي .. » أ. هـ فما فائدة هذا الكلام؟ ويغني عنه ما نقله عن العلامة علي القاري - رحمه الله - بعد ذلك. مما يرد به على قول ابن القيم، دون المشاغبة بهذه العبارة، التي لا دخل لها في البحث العلمي.

ومثله ما ذكره «ص 22»، متعقباً لما أورده ابن الجوزي في المسألة، فقال:

«وهذا جواب هزيل! بل أوهى من بيت العنكبوت! وقد تعجبت أن يجيب حافظ كابن الجوزي بمثل هذا» أ. هـ تأمل أخي، مع انه تعقب ابن الجوزي بكلام قوي لابن عبدالهادي، ولو اكتفى به لكان حسناً.

اخي الباحث محققاً كنت او مؤلفاً:

اكتب بحوثك وتحقيقاتك لوجه الله تعالى، و لكي يستفيد الناس، واستفادتهم مما تخط يدك على وجهين:

الوجه الاول: الاستفادة العلمية من المسائل المطروحة في البحث تحقيقاً كان المكتوب، او تأليفاً.

الوجه الثاني: التربية العلمية والادبية لطلاب العلم ولاسيما الناشئة منهم.

ونحن بحاجة الى تربية هؤلاء الناشئة من طلاب العلم على الجادة، ومثل هذه العبارات لا تخدم التربية الصحيحة العلمية، كما انها تعطي القارئ صورة سيئة عن الكاتب، وضعف اسلوبه في تحرير المسائل.

وقد اطلعت على احد كتب الردود، فرأيت منها ما يهول العقل، من السب، والشتم، والطعن، والتنابز بالالقاب، والسخرية بالمردود عليه، واحتقاره، وازدراء علمه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير