أقول: لا أعني مما سبق من البيان أنّ المشافهة لا منزلة لها حاش لله بل تبقى هي الأصل إلاّ أنها معرّضة للنقص بالإهمال والغفلة كما ذكر القدامى بخلاف النصّ فإنّه لا يتغيّر مهما طال الأمد. فالمشافهة لا بدّ أن تكون موافقة للنصّ لأنّ النصّ يعوّض ما قد يعتري التلقي من النقص مع طول سلسلة أهل الأداء.
وسأقصّ حادثة وقعت لي مع أحد مشايخي في دمشق، فقد ألفت رسالة سميتها مذكرة فيما خالف فيه شعبة حفصاً من طريق الحرز وذكرت في تلك الرسالة أنّه لم يرد لشعبة قصر المنفصل مطلقاً بخلاف حفص فقد ورد عنه من الطيّبة، فأخبرني الشيخ أنّه قرأ بقصر المنفصل لشعبة من طريق الطيّبة وأخذ أوراقه التي نقل فيها أوجه الطيّبة فرأيت وجه القصر لشعبة فتعجّبت وسألت الشيخ هل ورد هذا الوجه في النشر والطيّبة فأجاب ب"لا" فقلت له ولِمَ تقرءون بذلك فأجاب حفظه الله تعالى هكذا تلقيته عن شيخي. وقد بحثت في كتب التحريرات فلم أجد هذا الوجه مذكور لا من قريب ولا من بعيد وقد سألت كبار المشايخ في المدينة النبوية عن هذا الوجه فأنكروه.
وقد أخبرني الشيخ أبو الحسن الكردي حفظه الله تعالى أنّه تلقّى القرءان برواية حفص عن عاصم بقصر المنفصل من طريق الشاطبية مع أنّه لا يختلف اثنان على عدم ثبوته لحفص من الشاطبية. والأمثلة في هذا كثيرة، فأقول هل يجوز اليوم أن نقرأ بقصر المنفصل لشعبة من الطيبة أو لحفص من الشاطبية اعتماداً على المشافهة؟ وأنبّه على أنّ أسانيد الشيخين المذكورين يُعتبران من الأسانيد العالية المعروفة. الجواب: لا يجوز أن نقرأ بالوجهين المذكورين لعدم ورودهما نصاً. فانظر يا أخي العزيز كيف أنّ المشافهة لوحدها لا تكفي لإثبات صحة الوجه وهذا يقال في جميع مسائل الأدائية المختلف فيها لأنّ المشافهة قد يعتريها شيء من التغير مع مرّ الزمان بخلاف النصّ فإنّه لا يتغيّر والواقع يثبت ذلك وما سبب الخلاف الذي نعاني منه اليوم إلاّ بسبب تغيّر المشافهة.
فالحاصل مما سبق من البيان أنّ المشافهة لا تكفي في إثبات صحة الوجه بل لا بدّ أن تكون موافقةً لنصوص الأئمّة الذين نقلوا لنا القرءان لأنّ النصّ هو المعبّر عن الكيفية الصحيحة التي تلقاها هؤلاء الأعلام بخلاف المشافهة فإنّها لا تعبّر عن تلك الكيفية الصحيحة على سبيل القطع بل يصير ذلك القطع ظنياً لاحتمال تغيّر المشافهة مع مرّ الزمان كما أخبر بذلك العلماء وكما يُثبته الواقع اليوم.
هذا ما أردتّ قوله في هذه المسألة وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
محمد يحيى شريف الجزائري
ـ[شريف بن أحمد مجدي]ــــــــ[28 Feb 2007, 01:02 م]ـ
السلام عليكم
المثال الذي ذكره الأخ محمد لشيوخ الشام فيه تفصيل:
هناك فرق بين الأداء الصوتي مثل كيفية نطق الغنن والروم والإشمام ....... ألخ
وبين المشافهة في جواز القصر أو التوسط لقارئ أو هل هنا غنة للقارئ أم لا؟؟ وهذا الأخير الذي بني عليه المحررون تحريراتهم، وهو عزو الوجه لقارئه.
أما طرق الأداء الصوتي فالخلاف قديم في تقدير المدود وكيفية أداء الغنة وهذه مرجعها للمشافهة. كل بحسب ما هو متداول في بلده. والأمر فيه سعة ـ إن شاء الله ـ
والسلام عليكم
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[28 Feb 2007, 02:42 م]ـ
االحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد
المشافهة لا بدّ أن توافق النصّ في جميع الحالات فإن كان الوجه المختلف فيه لا يصادم نصاً ولا يخالفه فيمكن أن يقال في هذه الحالة أنّ الأمر فيه سعة وهذا النوع يحتاج إلى إحصاء وضبط ولكن إذا كان الوجه مخالفاً للنصوص المعتبرة فهو مردود للعلّة الذي ذكرناها آنفاً ولأنّ القدامى دوّنوا في كيفية أداء جميع الأحكام من أصول وفرش وهيئة، فلا يجوز أن نخرج عن دائرة المنصوص ما دام المنصوص نفسه موجود ومدوّن. فإن جاز الخلاف في مراتب المدود والغنّة في اللام والراء والترقيق والتفخيم وما كان على سبيل الهيئة فلا شكّ أنّ هذا النوع من ضمن المنصوص والخلاف فيه مذكور في الكتب فهو داخل في دائرة المنصوص وبالتالي فلا يجوز مخالفتة، فيبقى الخلاف دائماً في دائرة المنصوص لا يتعدّاه.
وأمّا مسألة قصر المنفصل لشعبة ولحفص من الشاطبية فلا علاقة لها بالتحريرات لأنّ التحريرات عبارة عن مقارنة ظاهر النشر أو الشاطبية أو الدرة بالأصول أي أصول النشر، وقصر المنفصل لشعبة و لحفص من طريق الشاطبية لم يرد لا في المصادر ولا في الأصول فهو خارج عن مجال التحريرات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
محمد يحيى شريف الجزائري
ـ[الجكني]ــــــــ[28 Feb 2007, 03:37 م]ـ
أولاً:أرحب بأخي الشيخ المحقق -مع اختلافي معه -محمد يحي شريف وعودته للملتقى من جديد 0
ثانياً:أعتذر من الأخوة المشاركين في هذا البحث لتأخر دخولي معهم في النقاش من بدايته،حتى إذا جئت الآن شعرت وكأنني أما م بحر من المعلومات والمداخلات لا أستطيع إيفاءها حقها في مداخلة واحدة مما يجعلني أستأذنكم بالتعليق جزئية جزئية 0
المداخلة الأولى:
أطلب من الشيخ محمد يحي شريف - تكرماً وفضلاً منه حفظه الله - التوضيح أكثر لعبارته:
"ومن اعتقد أنها هذه المصادر والطرق تفيد الظنّ فهو تشكيك في القرءان الذي نقرؤه "
فحقيقة لم أستوعبها 0
ولكم كامل التحية 0
¥