قال السيوطي في الإتقان: " فصل في كيفية الأخذ بإفراد القراءات وجمعها الذي كان عليه السلف أخذ كل ختمة برواية لا يجمعون رواية إلى غيرها أثناء المائة الخامسة فظهر جمع القراءات في الختمة الواحدة واستقر عليه العمل، ولم يكونوا يسمحون به إلا لمن أفرد القراءات وأتقن طرقها وقرأ لكل قارئ بختمة على حدة، بل إذا كان للشيخ راويان قرءوا لكل راو بختمة ثم يجمعون له وهكذا. وتساهل قوم فسمحوا أن يقرأ لكل قارئ من السبعة بختمة سوى نافع وحمزة، فإنهم كانوا يأخذون ختمة لقالون ثم ختمة لورش ثم ختمة لخلف ثم ختمة لخلاد، ولا يسمح أحد بالجمع إلا بعد ذلك. نعم إذا رأوا شخصاً أفرد وجمع على شيخ معتبر وأجيز وتأهل وأراد أن يجمع القراءات في ختمة لا يكلفونه الإفراد لعلمهم بوصوله إلى حد المعرفة والإتقان."صـ 139
وقال أيضا:" فائدة: أرى على مريد تحقيق القراءات وأحكام تلاوة الحروف أن يحفظ كتاباً كاملاً يستحضر به اختلاف القراء وتمييز الخلاف الواجب من الخلاف الجائز.
فائدة أخرى: قال ابن الصلاح في فتاويه:" قراءة القرآن كرامة أكرم الله بها البشر، فقد ورد أن الملائكة لم يعطوا ذلك، وأنها حريصة لذلك على استماعه من الإنس."صـ141
قال الشيخ /السيد أحمد في كتابه (أسانيد القراء العشرة ورواتهم البررة):" طريق العرض والتلاوة ويشمل الآتي:
1. السماع من الشيخ ثم العرض عليه ويدخل ضمنه التلقين والترديد.
2. العرض علي الشيخ مباشرة دون سماع منه.
3. الإذن من الشيخ للطالب بعد عرضه علي الشيخ لبعض القرآن
ويكون هذا في الغالب بين أهل التخصص، بأن يعلم الشيخ أن المجاز عالم متقن لما يجاز فيه ويريد بهذا علو السد أو تقويته أو تعدد الطرق."صـ7
وقال الخليجي:" قال ابن الجزري في نشره: كان السلف الصالح رحمهم الله يقرءون ويقرئون القرآن رواية رواية ولا يجمعون رواية إلى أخرى يقصدون بذلك استيعاب الروايات والتثبت منها وإحسان تلقيها واستمر ذلك إلى المائة الخامسة عصر الداني و الأهوازي و الهذلي ومن بعدهم، فمن ذلك الوقت ظهر جمع القراءات في ختمة واحدة واستمر إلى زماننا واستقر عليه العمل لفتور الهمم وقصد سرعة الترقي والإنفراد وانتشار تعليم القرآن ولم يكن أحد من الشيوخ يسمح بالجمع إلا لمن أفرد القراءات واتقن معرفة الطرق و الروايات وقرأ لكل راو بختمة على حدة، وهذا الذي استقر عليه العمل إلى زمن شيوخنا الذين أدركناهم فلم أعلم أحدا قرأ على التقي الصائغ إلا بعد أن يفرد السبعة في في إحدى وعشرين ختمة وللعشرة كذلك اهـ.
أما مقدار التلقين في الإفراد والجمع فمفوض إلى رأي الشيخ وحال القارئ وقوة قبوله، وبعض المشايخ لا يزيد على عشر مطلقا وبعضهم يأخذ في الإفراد بنصف حزب وفي الجمع بربع حزب.
ويشترط على مريد القراءات ثلاثة شروط:
أن يحفظ كتابا يعرف به اختلاف القراء،
وأن يفرد القراء رواية رواية
ويجمعها قراءة قراءة
حتى يتمكن من كل قراءة على حدة وحتى يكون أهلا لأن يجمع أكثر من قراءة في ختمة" حل المشكلات صـ 11
سؤال: هل يشترط السند في الإقراء؟
قال السيوطي في الإتقان:" الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي للإقراء والإفادة فمن علم في نفسه الأهلية جاز له ذلك وإن لم يجزه أحد وعلي ذلك السلف الأولون والصدر الصالح،وكذلك في كل علم في الإقراء والإفتاء خلافا لما يتوهمه الأغبياء من اعتقاد كونها شرطا وإنما اصطلح الناس علي ذلك الإجازة لأن أهلية الشخص لا يعلمها غالبا من يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم لقصور مقامهم عن ذلك والبحث عن الأهلية قبل الأخذ شرط فجعلت الإجازة كالشهادة من الشيخ للمجاز بالأهلية."أ. هـ 1/ 140
فقصد السيوطي ـ والله أعلم ـ أن هذا القول نابع منه مما كان في زمانه ممن يمنعون الإجازة بسبب المال وهذا ما صرح به في الفائدة التي تليها حيث قال: " فائدة ثالثة: ما اعتاده كثير من المشايخ القراء من امتناعهم من الإجازة إلا بأخذ مال في مقابلها، لا يجوز إجماعا بل إن علم أهليته وجب عليه الإجازة ... "صـ 140
والظاهر من القول أن الذي أخذ رواية كاملة عن الشيخ وفرغ من التلقي لا يشترط أن يحصل علي الإجازة .. أو أن الطالب قد قرأ قدرا كبيرا فيسكت الشيخ عن قراءته ولا يكثر عليه في الرد، فهذا قد يكون المقصود من كلام السيوطي، وخاصة المغالاة التي نجدها في أيامنا هذه، أما من قرأ جزءا أو أكثر من ذلك ويظن في نفسه الأهلية فلا أظن أن هذا قصد السيوطي، ثم ما يدريه أنه في الباقي لا تشتبه عليه الأمور؟ وإنما كانوا يجيزون بالاختبار لمن قرأ ختمة علي شيخ، وهي مسألة تختلف من شخص لآخر بلا شك. والله أعلم
هذا ما من الله به علىّ ولله الحمد والمنة علي ما أنعم به علينا من الفضل والكرم والجود.
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو عمر عبد الحكيم
¥