تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكان أول من عرف عنه تدوين ذلك أبو عبيد القاسم ابن سلام -رحمه الله تعالى- وهو من علماء القراءة فدون كتاباً في القراءة لم يصل إلينا لكنه ذكر خمسة وعشرين قارئاً أو أزيد من ذلك قد يبلغون الثلاثين أكثر من خمسة وعشرين قارئاً من قراء الأمصار الذين اتفقت الأمة على تلقي قراءتهم بالقبول وعرفوا بهذا الشأن وتناقل الناس عنهم القراءة وقرأ عنهم أمم بعد أمم فكان أول من عرف أنه ضبط هذه القراءات وأثبتها هو أبو عبيد القاسم ابن سلام ثم تتابع الناس بعده على ضبط هذه القراءات.

فجاء أحمد بن جبير الأنطاكي -رحمه الله تعالى- توفي عام ثمانية وخسمين بعد المائتين وجمع كتاباً ذكر فيه خمس قراءات, ثم جاء من بعده علماء آخرون حتى جاء ابن جرير الطبري -رحمه الله تعالى- توفي عام عشرة بعد الثلاثمائة فألف كتابه في القراءات وذكر فيه أكثر من عشرين قارئاً وجاء بعدهم أئمة ذكروا أكثر من ذلك بلَّغوها خمسين قارئاً وثلاثين قارئاً ونحو هذه الأعداد.

ثم جاء من بعد ذلك الإمام أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي المتوفي عام ثلاثمائة وأربعة وعشرين من الهجرة النبوية وتحرى فيما جمع الدقة والضبط والإتقان وكون من يثبتهم في كتابه هم أكثر من تلقت عنهم الأمة ومن انتشرت قراءاته في الأمصار فجمع سبعة قراء ولعله أراد أن يوافق عدد المصاحف التي كتبها عثمان وفرقها في الأمصار فجمع سبعة قراء، سنذكرهم بعد قليل ونبين أسماءهم، جمع هؤلاء السبعة وضبط قراءاتهم في كتاب سماه: السبعة.

ومن بعدها انتهت قراءات من سواهم فلم تعرف ولم تذكر وصار الذين يُعرفون بالقراءة وتروى قراءاتهم بعد ابن مجاهد سبعة قراء وسبب اختياره للسبعة كما ذكرنا هو كما يقول بعض أهل العلم: هو تعدد المصاحف التي نشرها عثمان في الأمصار لكن بعض أهل العلم تمنى لو أن ابن مجاهد زاد واحدة أو نقص واحدة حتى لا يختلط الأمر على الأمة فتظن أن القراءات السبع هي الأحرف السبع التي سنتحدث عنها- إن شاء الله تعالى- في درس مستقل لأن كثيرين من الناس الآن إذا ذكر الأحرف السبعة ظنوا أنها هي القراءات السبع وبينهما فرق سنبينه- إن شاء الله تعالى.

يقول القسطلاني -رحمه الله تعالى- «ثم لما كثر الاختلاف فيما يحتمله الرسم وقرأ أهل البدع والأهواء بما لا يحل لأحد تلاوته وفاقاً لبدعتهم كمن قال من المعتزلة: "

وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمً" النساء: 146، قرؤوها " وَكَلَّمَ اللهَ مُوسَى تَكْلِيمً" ليجعلوا المكلِّم هو موسى لينفوا بذلك الكلام عن الله - سبحانه وتعالى- قال ومن الرافضة قوله: " وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدً" " الكهف: 51"، قرؤوها " الْمُضلَّينِ عَضُدًا " يعنون بذلك: أبا بكر وعمر، رأى المسلمون بعد ذلك أن يجمعوا على قراءات أئمة ثقات تجردوا للاعتناء بشأن القرآن العظيم فاختاروا من كل مصر وجه إليه مصحف أئمة مشهورين بالثقة والأمانة في النقل وحسن الدراية وكمال العلم أفنوا عمرهم في القراءة والإقراء واشتهر أمرهم وأجمع أهل مصر على عدالتهم فيما نقلوا والثقة بهم فيما قرؤوا ولم تخرج قراءاتهم عن خط مصحفهم» هذا سبب عناية العلماء بضبط القراءات في كتب مستقلة حتى لا يعتدي على هذه القراءات أحد من الناس.

وأما ابن مجاهد -رحمه الله تعالى- الله يقول الدكتور فهد الرومي- حفظه الله- في

كتابه دراسات في علوم القرآن: " وأخذ بعض العلماء على ابن مجاهد اختياره للسبعة لما في ذلك من الإيهام بحديث الأحرف السبعة فقال أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي:

لقد فعل مسبع هذه السبعة ما لا ينبغي له وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر- أي حديث الأحرف السبعة- وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل الشبهة. وقد علل مكي بن أبي طالب سر اختياره سبعة فقال: ليكون على وفق مصاحف الأمصار السبعة وتيمناً بأحرف القرآن السبعة ثم قال: على أنه لو جعل عددهم أكثر أو أقل لم يمنع ذلك إذ عدد القراء أكثر من أن يحصى» عدد القراء المأمونين المعروفين المضبوطين الضابطين كبير جداً كما بينا أن أبا عبيد القاسم ابن سلام قد اختار منهم أكثر من خمسة وعشرين وغيره اختار قرابة الخمسين كانوا كثيرين جداً لكن ابن مجاهد -رحمه الله تعالى- فعل ذلك لقصد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير