والذي لا يقرأ به أكثر مما يقرأ به، فإن في سورة الفاتحة ما يناهز خمسين اختلافا من غير المقروء به، وفي سورة الفرقان نحو مائة وثلاثين موضعا.
انظر التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 8/ 302 وفتح الباري بشرح صحيح البخاري 19/ 46" ا. هـ المنهاج في الحكم على القراءات
أما الاختيار من قراءة قارئ أو راوي،أي اختار أوجها، فهذا يجوز للقارئ أن يختار من الأوجه وجها واحدا ويقرئ به ويقتصر عليه، فمثلا يقرأ لورش بقصر البدل فقط أو بتوسط البدل فقط ويترك ما بقية الأوجه، فهذا لاشي فيه، وقد أجمع القراء علي ذلك قال النويري في مقدمة شرحه للطيبة في الفصل السابع فيما يقرئ به:" لا يجوز له أن يقرئ إلا بما قرأ أو سمع فإن قرأ نفس الحروف المختلف فيها خاصة أو سمعها أو ترك ما اتفق عليه جاز إقراؤه القرآن بها اتفاقا بالشرط، وهو أن يكون ذاكرا إلي آخره كما تقدم، ولكن لا يجوز أن يقول: قرأت بها القرآن كله وأجاز ابن مجاهد وغيره أن يقول المقرئ: قرأت برواية فلان القرآن من غير تأكيد إذا كان قرأ بعض القرآن وهو قول لا يعول عليه لأنه تدليس فاحش يلزم منه مفاسد كثيرة.
وهل يجوز له أن يقرئ بما أجيز له به علي أنواع الإجازة؟. جوزه الجعبري مطلقا والظاهر أنه إن تلا بذلك علي ذلك علي غيرذلك الشيخ أو سمعه وأراد أن يعلي سنده بذلك الشيخ أو يكثر طرقه جاز وحسن لأنه جعلها متابعة.
وقد فعل ذلك أبو حيان بالتجريد وغيره.عن ابن البخاري وغيره متابعة وكذا فعل الشيخ تقي الدين ابن الصائغ بالمستنبر عن الشيخ كمال الدين الضرير عن السلفي وقد قرأ بالإجازة أبو معشر الطبري وتبعه الجعبري وغيره وفي النفس منه شئ ولا بد مع ذلك من اشتراط الأهلية.صـ33
هذا فيه دليل علي الاختيار للقارئ بالنسبة للأوجه وحتي وإن كان لم يقرأ به ولكن يجب أن يكون قرأ هذا الوجه أو سمعه ـ أي قرأه لقارئ آخر ـ مثال: لو قرأ أحد لحفص بالتوسط وقرأ لابن كثير مثلا بالقصر فقد اجتمعت عنده القراءة بالقصر والتوسط، ثم وجد ثبوت القصر لحفص وعلم صحة الوجه وشهرته جاز له أن يقرئ بالقصر لحفص لأن القصر من الأوجه التي سمعها أو قرأها، وهذه هي النقطة التي اعتمد عليها أهل التحريرات في تحرير الأوجه، لأن المسألة في جوازها باتفاق كما قاله النويري:" جاز إقراؤه القرآن بها اتفاقا "
أما اعتراض النويري كان علي مسألة نسبة القراءة لشيخ دون إكمالها حيث قال: " ولكن لا يجوز أن يقول: قرأت بها القرآن كله وأجاز ابن مجاهد وغيره أن يقول المقرئ: قرأت برواية فلان القرآن من غير تأكيد إذا كان قرأ بعض القرآن وهو قول لا يعول عليه لأنه تدليس فاحش يلزم منه مفاسد كثيرة ".
ولكن هل الاختيار لأي أحد أم هي لفئة معينة؟؟
الاختيار لا يكون إلا للعالم الحاذق المنتهي في القراءة، واختياره في الأوجه فقط وليس في الأحرف ـ معني الأحرف أي الكلمات القرآنية المختلف فيها أي ما يسمي عند القراء بالفرش ـ.
وهناك شروط في الاختيار كما قال النويري:" جاز إقراؤه القرآن بها اتفاقا بالشرط، وهو أن يكون ذاكرا إلي آخره كما تقدم .. " وقد ذكر النويري في الفصل الرابع تحت عنوان " في شرط المقرئ وما يجب عليه" ... وبعد ذكره لما يجب علي المقرئ من إخلاص النية وشهرته بالأمانة وتحذيره من الرياء ومن كراهة قراءة أصحابه علي غيره ثم قال:" ... ويجب عليه قبل أن ينصب نفسه للاشتغال بالقراءة أن يعلم من الفقه ما يصلح به أمر دينه،، ويعلم من الأصول قدر ما يدفع به شبهة طاعن في قراءة،، ومن النحو والصرف طرفا لتوجيه ما يحتاج إليه، بل هما أهم ما يحتاج إليه المقرئ وإلا فخطأه أكثر من إصابته وما أحسن قول الحصري فيه:
لقد يدعي علم القراءات معشر وباعهم في النحو أقصر من شبر
فإن قيل ما إعراب هذا ووجه رأيت طويل الباع يقصر عن فتر
¥