تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

جامع البيان " ولا أعلم أحداً من الرواة نصّ عليها بمدّ ولا بقصر غيره، وإنّما يتلقى الوجهان فيهما من أهل الأداء تلقياً " جامع البيان ص225،. أقول: إذن فكلّ ما ثبت بالأداء المجرّد عن النصّ احتاج إلى تأصيل وتقعيد ليكون تحت أصل وثيق ينبني عليه ذلك التلقّي كجواز القصر والمدّ قبل الهمزة الساقطة كما في المثال الفارط نحو {السمآ أن} لمن أسقط الهمزة الأولى مع تقديم وجه القصر لذهاب أثر الهمز، وجواز المدّ والقصر قبل الهمز المغيّر بالتسهيل لمن سهّل الأولى في نحو {هؤلاء إن} مع تقديم وجه المد لبقاء أثر الهمز، وهكذا.

فنخلص مما سبق أنّ إعمال القياس عند عدم النص يكون في حالتين: الأولى عند انعدام الوجه أداءً أو غموضه، ففي هذه الحالة يُجنح إلى القياس عند الضرورة كالسكت عند إظهار الهاء في {ماليه هلك} لتعذّر الإظهار من غير سكت. الثانية: ثبوت الوجه أداءً، فيُقوى الوجه قياساً بجعله تحت أصل معتبر يقوم مقام النصّ كما سيأتي في الأمثلة، وهذا الصنف لا يتوقّف على وجود ضرورة.

ثانياً: غموض الوجه أداءً:

وهو إشكال متعلّق بالأوجه الأدائية التي ما استطاع أهل الأداء أن يجعلوها تحت أصل معتبر، والأصل إمّا أن يكون نصاً أو إجماعاً أو قاعدة مقررة عند أهل الأداء واللغة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. مثال ذلك: السكت مع الإظهار في {ماليه هلك} حيث لا يمكن إظهار الهاء إلاّ مع السكت لخفائها وبُعدِ مخرجها خاصة إذا تكررت كما في المثال، والغموض هنا هو تواتر الإظهار مع عدم القدرة على الإتيان به من غير سكت، وهذا الذي حمل العلماء على تقييد الإظهار بالسكت ضرورة، وكذلك وجه الروم عند السكت على {شيء} وقفاً، لحفص من بعض طرق الطيّبة، إذ لا يمكن أن يُسْكتَ على {شيء} في الوقف إلاّ بالروم ضرورة، والغموض هنا هو ورود السكت في {شيء} مطلقاً من غير تقييد، و استحالة الإتيان به وقفاً، ومن لاحظ كلا المسألتين – أي {ماليه هلك} و {شيء} يجد أنهما لم يرتكزا على نصّ أو إجماع أو قاعدة فهو اجتهاد محض تماماً أُعمل لأجل شدّة الضرورة في بيان الحكم.

قد يقول القائل: ألم يقل ابن الجزريّ أنّ القياس لا بدّ أن ينبني على أصل؟ الجواب: إن كان في المسألتين أصل اعتُمد عليه فما هو؟ إذ لو وُجد لزال الغموض، خلافاً لبعض المسائل التي بُنيت على أصل نحو الابتداء بهمزة الوصل في بلفظ {لْئيكة} في قوله تعالى {وأصحاب لْئيكة} في سورة ص، حيث لم يرد نص في الابتداء بهمزة الوصل في الكلمة فيما اطلعت عليه لعدم ثبوتها رسماً، إلاّ أنّ الابتداء بها لازم لتعذّر الابتداء بالساكن، وهذا الحكم مبنيّ على أصل وثيق وهو التعذّر الابتداء بالساكن وليس هناك حلّ سوى ذلك. فالفرق بين مسألة {ماليه هلك} وبين مسألة {ليكة} أنّ الثانية اعتمدت على أصل خلافاً للأولى وبالتالي فالغموض يكون آكداً في المسألة الأولى، وإن وجد في الثانية فنسبته قليلة.

ثالثاً: تقوية بعض أوجه الترجيح والإستعانة به على قوّة التصحيح:

وهذا الضرب يختصّ ببعض الأوجه الثابتة أداءً من غير نصّ صريح يُثبت قوّته، فيعتمد العلماء على القياس تقوية وتصحيحاً له. مثاله: إثبات وجه الإدخال مع تسهيل الثانية للبصري في نحو {أؤنزل}: قال ابن الجزريّ: أمّا أبو عمرو فروى عنه الفصل أبو عمرو الداني في جامع البيان وقوّاه بالقياس وبنصوص الرواة عنه أبي عمرو، وأبي شعيب وأبي حمدون وأبي خلاد وأبي الفتح الموصلي ومحمد بن شجاع وغيرهم حيث قالوا عن اليزيدي عن أبي عمرو أنّه كان يهمز الاستفهام همزة واحدة ممدودة، قالوا ولذلك كان يفعل بكلّ همزتين التقتا فيُصيّرهما واحدة ويمدّ أحدهما مثل: {أيذا}، {أإله}، {أينكم} و {آنتم} وشبهه، قال الداني فهذا يوجب أن يمدّ إذا دخلت همزة الاستفهام على همزة مضمومة إذا لم يستثنوا ذلك وجعلوا المدّ سائغاً في الاستفهام كلّه وإن لم يدرجوا شيئاً من ذلك في التمثيل فالقياس فيه جار والمدّ فيه مطرد انتهى، .... وروى القصر عن أبي عمرو جمهور أهل الأداء من العراقيين والمغاربة، وغيرهم ولم يذكر في التيسير غيره وذكر عنه الوجهين جميعاً أبو العباس المهدوي وأبو الكرم الشهرزوري والشاطبيّ والصفراوي أيضاً.: النشر 1/ 374. وانظر جامع البيان ص 215.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير