تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مكّي ابن أبي طالب رحمه الله في آخر كتابه التبصرة حيث قال في جميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص في الكتب موجود، وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجودٍ في الكتب وقسمٌ لم أقرأ به ولا وجدتّه في الكتب لكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلاّ ذلك عند عدم الرواية في النقل والنصّ وهو الأقل ....... ".انتهى كلامه رحمه الله النشر 1/ 18.

قال الشيخ البناء في كتابه إتحاف فضلاء البشر: " وفي النشر إذا قرئ بإظهار الغنّة من النون الساكنة والتنوين في اللام والراء عند أبي عمرو فينبغي قياساً إظهارها من النون المتحرّكة فيهما نحو نؤمن لك، زيّن للذين، تأذن ربك إذ النون من ذلك تسكن للإدغام قال – أي ابن الجزري – وبعدم الغنّة قرأت عن أبي عمرو في الساكن المتحرّك وبه آخذ ..... قال – أي ابن الجزري – في الأصل بعد نقله ما ذكر لكن القراءة سنّة متبعة فإن صحّ نقلاً اتبع. " انتهي كلام صاحب الإتحاف (اتحاف فضلاء البشر ص34 طبعة دار الندوة بيروت). قال العلامة الضباع رحمه الله معلّقاً على كلام البناء على الهامش " لا ينبغي أن يلتفت إلى هذا القياس لمصادمته للرواية الصحيحة الواردة على الأصل إذ النون من نحو لن نؤمن لك وتأذن ربك متحرّكة في الأصل وسكونها عارض للإدغام. والأصل أن لا يعتدّ بالعارض. ولما فيه من القياس ما لا يروى على ما رُوي. والقراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأوّل. والقياس إنّما يصار إليه عند عدم النصّ وغموض وجه الأداء. وهذا لا غموض فيه ........ " اتنهى كلام الشيخ الضباع رحمه الله. نفس المصدر على الهامش ص33.

من خلال ما ذكره ابن الجزري والضباع رحمهما الله تعالى يمكن أن نستخرج من كلامهما ما يلي:

أوّلاً: قد أنكر علماء القرن الثالث على أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي المقرئ النحوي لاستعماله القياس في قراءة القرءان وقد عقد له بسبب ذلك مجلس ببغداد حضره الفقهاء والقرّاء وأجمعوا على منعه وأوقف للضرب فتاب ورجع وكُتب عليه محضر ومن ثمّ امتنعت القراءة بالقياس. أقول إن كان القياس قد منع في ذلك الوقت وهو وقت العلم النقد وكثرة أهل الأداء، فمنعه اليوم يكون من باب أولى.

ثانياً: القياس يصارُ إليه على أساسِ اجماعٍ انعقد أو على أصلٍ يُعتمد إليه عند عدم النصّ وغموض وجه الأداء. إذاً فمفهوم المخالفة يدلّ على أنّه إذا لم يكن القياس على أساسِِ اجماعٍ انعقد أو أصل يُعتمد عليه عند عدم النص وغموض وجه الأداء فإنّه مردود حيث لا يمكن تقديم القياس على النص أو على وجه واردٍ أداءاً. فلذلك قال العلامة الضباع: " لا ينبغي أن يلتفت إلى هذا القياس لمصادمته للرواية الصحيحة الواردة على الأصل ... " ولأجل هذا قال مكّي القيسي رحمه الله:" وقسمٌ لم أقرأ به ولا وجدتّه في الكتب لكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلاّ ذلك عند عدم الرواية في النقل والنصّ وهو الأقل ....... "

ثالثاً: القياس لا يُجنح إليه إلاّ ضرورة بحيث ليس هناك حلّ آخر سوى ذلك قال مكّي في كلامه السابق " ... لكن قسته على ا قرأت به إذ لا يمكن فيه إلاّ ذلك " ومثاله إظهارهاء {ماليه هلك} حيث أنّ الإظهار واردٌ ولكنه صعب لخفاء الهاء وبُعد مخرجها وتزداد المشقّة إذا تكررت كما في المثال، لذا أجاز العلماء ضرورة السكت عند الإظهار وكذا قياسها على {كتابيه اني} لمن قرأ بالنقل لأنّ الهاء في {ماليه} و {كتابيه} هي هاء السكت فمن حقق الهاء في {كتابيه انّي} أظهرها في {ماليه هلك} ومن قرأ بالنقل في {كتابيه انّي} أدغم في {ماليه هلك} ومن تأمّل في قياس المأخوذ به في هتين الكلمتين يجد أنّه لم يخالف نصاً ولا أداءاً حيث أنّ الإدغام والإظهار في {ماليه هلك} ثابت نصاً وأداءاً وكذا النقل وعدمه في {كتابه انّي} وإنّما القياس تمثّل في السكت عند إدغام {ماليه هلك} والعلاقة بين {ماليه} و {كتابيه} التي تتمثلّ في لزوم الإظهار مع عدم النقل والإدغام مع النقل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير