تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال ابن الجزريّ في النشر (1/ 418،419): " ميم الجمع أما لورش فواضح لأن مذهبه عند الهمزة صلتها بواو فلم تقع الهمزة بعدها في مذهبه إلا بعد حرف مد من أجل الصلة، وأما من طريق الهاشمي عن ابن جماز فإن الهذلي نص على مذهبه عدم الصلة مطلقاً. ومقتضى هذا الإطلاق عدم صلتها عند الهمزة ونص أيضاً على النقل مطلقاً. ومقتضى ذلك النقل إلى ميم الجمع. وهذا من المشكل تحقيقه فإني لا أعلم له نصاً في ميم الجمع بخصوصيتها بشيء فأرجع إليه، والذي أعول عليه في ذلك عدم النقل فيها بخصوصيتها والأخذ فيها بالصلة وحجتي في ذلك أني لما لم أجد له فيها نصاً رجعت إلى أصوله ومذاهب أصحابه ومن اشترك معه على الأخذ بتلك القراءة ووافقه على النقل في الرواية وهو الزبير ابن محمد بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري أحد الرواة المشهورين عن أبي جعفر من رواية ابن وردان فوجدته يروي النقل نصاً وأداء وخص ميم الجمع بالصلة ليس إلا. وكذلك ورش وغيره من رواة النقل عن نافع كلهم لم يقرأ في ميم الجمع بغير صلة. ووجدت نص من يعتمد عليه من الأئمة صريحاً في عدم جواز النقل في ميم الجمع. فوجب المصير إلى عدم النقل فيها. وحسن المصير إلى الصلة دون عدمها جمعاً بين النص يمنع النقل فيها وبين القياس في الأخذ بالصلة فيها دون الإسكان وذلك أني لما لم أرَ أحد نقل عن أبي جعفر ولا عن نافع الذي هو أحد أصحاب أبي جعفر النقل في غير ميم الجمع وخصصها بالإسكان كما أني لا أعلم أحداً منهم نص على النقل فيها وحمل رواية الراوي على من شاركه في تلك الرواية أو وافقه في أصل تلك القراءة أصل معتمد عليه ولا سيما عند التشكيك والإشكال فقد اعتمده غير واحد من أئمتنا رحمهم الله لما لم يجدوا نصاً يرجعون إليه ومن ثم لم يجز مكي وغيره في (أأعجمي، وأأن كان) لابن ذكوان سوى الفصل بين الهمزتين. قال مكي عند ذكرهما في التبصرة لكن ابن ذكوان لم نجد له أصلاً يقاس عليه فيجب أن يحمل أمره على ما فعله هشام في (أئنكم وأنذرتهم) ونحوه (فيكون) مثل أبي عمرو وقالون وحمله على مذهب الراوي معه على رجل بعينه أولى من حمله على غيره انتهى. وأما مذهب حمزة في الوقف فيأتي في بابه إن شاء الله تعالى. ثمّ رأيت النص على الهاشمي المذكور لأبي الكرم الشهرزوري وأبي منصور بن خيرون بصلة ميم الجمع للهاشمي عند همزة القطع فصح ما قلناه، واتضح ما حاولناه ولله الحمد والمنة. وقفت على ذلك في كتاب كفاية المنتهى، ونهاية المبتدي للقاضي الإمام أي ذر أسعد بن الحسين بن سعد بن علي بن بندار اليزدي صاحب الشهرزوري وابن خيرون المذكورين. وهو من الأئمة المعتمدين، وأهل الأداء المحققين.

أقول: هذه المسألة مهمّة ومفيدة للغاية وهي درس عظيم بالنسبة لنا، ويتمثّل ذلك في:

أوّلاً: الذي يظهر من خلال ما ذكره ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى أنّه لم يقرأ بالنقل حركة الهمزة إلى ميم الجمع إذ لو قرأ به لذكره كما هي عادته، وإن قرأ به فيكون ذلك ضعيفاً خارجاً عن شرطه الذي ألزم به نفسه في كتابه النشر وهو أن يكون الوجه المقروء به مروي عن العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه ويكون مع ذلك مشهوراً عند الأئمّة غير معدوداً عندهم من الغلط أو ممّا شذّ به بعضهم، وهذا يكفي بالنسبة لنا في ردّ وجه النقل في ميم الجمع إلاّ أنّ ابن الجزري لم يكتف بذلك، فتتبع واستقرأ النصوص لإثبات ضعف الوجه ولو قرأ به القليل من أهل الأداء، وهذا درس عظيم يبيّن أنّ ثبوت الوجه بالنصّ كان أمراً ضرورياً عند أهل الأداء، بل كانوا يعتبرون الوجه الخالي من النصّ علّة وإن لم تكن قادحة إلاّ أنهم كانوا يعتمدون على القياس تقوية له كما سبق بيانه. أقول: فأين نحن من هؤلاء؟ نحن نستدلّ بالمشافهة في كلّ شيء ونعتمد على ما هو معمول به اليوم ولو كان مخالفاً لإجماع القدامى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير