تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أقول: من خلال ما ذكره ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى في المسألة يتبيّن أنّ التسهيل هو الأقيس في الأداء لأنّه هو المشهور عند العرب وعند القراء في تخفيف الهمز سواء كانت الهمزة مفردة كما في {الآئي} وكما هو مذهب الأصبهاني عن ورش في تسهيل {كأنّ} و {لأملأن} وغير ذلك، أو كانت مجتمعة بمثلها سواء من كلمة أو من كلمتين وهو مذهب الخليل ابن أحمد وسيبويه من النحاة لذا كان الأقيس في الأداء. وأمّا من جهة الرواية فإنّ وجه الإبدال هو الأشهر إذ هو مذهب جمهور القراء من أئمّة الأمصار كما قال ابن الجزريّ وبه قرأ الداني على معظم شيوخه. ولذلك قال الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى (يشاء إلى كالياء أقيس معدلا .......... وعن أكثر القراء تُبدل واوها). وهذا دليل آخر على أنّ الوجه وإن كان الأقيس في الأداء إلاّ أنّ العبرة بما اشتهر رواية وأداء عند أهل الأداء وهو الذي ينبغي أن يقدّم ولو كان غيره أقيس منه. قال العلامة المارغني: " ووجه تقديم الإبدال هاهنا على التسهيل أنّه الأقوى رواية وعليه جمهور أهل الأداء، وهو مذهب الأخفش من النحويين. وأمّا التسهيل فهو مذهب إمامي النحو الخليل وتلميذه سيبويه وطائفة من القراء، وهو الوجه المقيس، وعبّر عنه في حرز الأماني بالأقيس، وكونه مقيساً أو أقيس لا يقتضي أولوية تقديمه على الإبدال كما تُوهّم، لما علمت أنّ الإبدال مذهب الجمهور، وأنّه الأقوى في الرواية، ولا ريب أنّ مذهب الجمهور مقدّم على غيره ولو كان الغير أقيس " انتهى كلامه عليه رحمة الله تعالى. (نفس المصدر). وقال أبو عمروالداني: " وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها."

أقول: ومن قارن بين هذه المسألة وبين حكم {ءأنذرتهم} لورش يجد تقارباً كبيراً بينهما في الحكم وهو كون التسهيل فيهما هو الأقيس مع اشتهار وجه الإبدال وتقدّمه في الأداء في نحو {ءأنذرتهم} في رواية ورش وفي نحو {يشاء إلى} لمن لم يحقق الهمزتين. والعلم عند الله تعالى.

المسألة التاسعة: حكم النقل في ميم الجمع:

قال ابن الجزريّ في النشر (1/ 418،419): " ميم الجمع أما لورش فواضح لأن مذهبه عند الهمزة صلتها بواو فلم تقع الهمزة بعدها في مذهبه إلا بعد حرف مد من أجل الصلة، وأما من طريق الهاشمي عن ابن جماز فإن الهذلي نص على مذهبه عدم الصلة مطلقاً. ومقتضى هذا الإطلاق عدم صلتها عند الهمزة ونص أيضاً على النقل مطلقاً. ومقتضى ذلك النقل إلى ميم الجمع. وهذا من المشكل تحقيقه فإني لا أعلم له نصاً في ميم الجمع بخصوصيتها بشيء فأرجع إليه، والذي أعول عليه في ذلك عدم النقل فيها بخصوصيتها والأخذ فيها بالصلة وحجتي في ذلك أني لما لم أجد له فيها نصاً رجعت إلى أصوله ومذاهب أصحابه ومن اشترك معه على الأخذ بتلك القراءة ووافقه على النقل في الرواية وهو الزبير ابن محمد بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري أحد الرواة المشهورين عن أبي جعفر من رواية ابن وردان فوجدته يروي النقل نصاً وأداء وخص ميم الجمع بالصلة ليس إلا. وكذلك ورش وغيره من رواة النقل عن نافع كلهم لم يقرأ في ميم الجمع بغير صلة. ووجدت نص من يعتمد عليه من الأئمة صريحاً في عدم جواز النقل في ميم الجمع. فوجب المصير إلى عدم النقل فيها. وحسن المصير إلى الصلة دون عدمها جمعاً بين النص يمنع النقل فيها وبين القياس في الأخذ بالصلة فيها دون الإسكان وذلك أني لما لم أرَ أحد نقل عن أبي جعفر ولا عن نافع الذي هو أحد أصحاب أبي جعفر النقل في غير ميم الجمع وخصصها بالإسكان كما أني لا أعلم أحداً منهم نص على النقل فيها وحمل رواية الراوي على من شاركه في تلك الرواية أو وافقه في أصل تلك القراءة أصل معتمد عليه ولا سيما عند التشكيك والإشكال فقد اعتمده غير واحد من أئمتنا رحمهم الله لما لم يجدوا نصاً يرجعون إليه ومن ثم لم يجز مكي وغيره في (أأعجمي، وأأن كان) لابن ذكوان سوى الفصل بين الهمزتين. قال مكي عند ذكرهما في التبصرة لكن ابن ذكوان لم نجد له أصلاً يقاس عليه فيجب أن يحمل أمره على ما فعله هشام في (أئنكم وأنذرتهم)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير