تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فلماذا قام أئمّتنا بتقوية الأداء بالقياس؟ الذي يظهر لي أنّ الرواية إذا أطلقت يراد بها ثبوت الوجه بالنصّ والأداء، أو بالأداء المشهور من غير نصّ وكلّ ذلك مع اتصال السند بدليل أنّ ابن الجزري اشترط اتصال السند بالعدول مع شهرة الوجه عبر الأجيال وذلك متحقّق في الأداء المشهور أو المجمع عليه الثابت بغير النصّ لاستحالة خطأ هذه الجماهير الناقلة. وممّا يدلّ على أنّ الرواية منوطة بوجود النصّ كذلك هو قول الشاطبيّ عليه رجمة الله تعالى: وبعضهم في الأربع الزهر بسملا ........ لهم دون نصّ. والأئمّة إنّما أهملوا هذه الأوجه لعدم ورودها رواية، فالرواية متعلّقة بوجود النصّ، وأمّا الأداء المشهور فإنّه يتقوّى بالقياس ليصير في مرتبة الأداء المنصوص عليه ليندرج تحت إطار الرواية. والعلم عند الله تعالى.

وعلى ما سبق يمكن أن نضع شروطاً للوجه الصحيح وهي:

أولاً: أن يكون ثابتاً بالرواية

ثانياً: أن يكون منقولاً في المصادر المعتبرة وهي في نظري التي نقلت القراءات من عهد التدوين أي من القرن الرابع إلى السادس على الأكثر لأنّ الكتب المتأخّرة على هذه الفترة هي بدورها ناقلة عن الكتب القديمة.

ثانياً: أن يكون المضمون مشهوراً من جيل إلى جيل وليس بشهرة محدثة لا سلف لها.

وأمّا القياس فيُعمل به عند عدم النصّ وغموض الوجه في الأداء مّما تدعو إلي الضرورة وتمسّ إليه الحاجة وهو وإن كان دخيلاً على الرواية إلاّ أنّه يُعمل به بحسب ما وصل إليه اجتهاد كلّ إمام فهو يفيد الظنّ وقابل للنقد والاعتراض.

وبهذه الشروط سيُقضى على كلّ دخيل على الرواية، ونحقّق من خلال ذلك شعار أئمّتنا وهو: القراءة سنّة متّبعة، فمن تمسّك بالرواية الأصيلة ونقّحها من كلّ دخيل عليها قد حقّق هذه المتابعة التي تفضي إلى قراءة القرءان قراءة صحيحة كما أرادها سلفنا الصالح، ومن اتّبع كلّ ما يٌقرأ به اليوم من غير تنقيح وحرص على الأصيل من الرواية فقد خرج عن المتابعة. ولتحقيق هذه الغاية المجيدة قام المحقّقون في كلّ زمان وفي طليعتهم إمام الفنّ ابن الجزري بإهمال وتضعيف الدخيل على الرواية الصحيحة الأصيلة.

فالوجه الذي تحققت فيه تلك الشروط الثلاثة وجب الأخذ والعمل به إذ يفيد القطع واليقين، وما عدا ذلك من اجتهادات واختيارات الأئمّة والمحققين فهو خاضع للنقد والاعتراض كتجويز ابن الجزريّ الترقيق في {يسر} وأخواتها، واختياره الترقيق في {عين القطر} والتفخيم في {مصر} وغير ذلك. وإنّما أقوالهم يُستشهد ويُستأنس بها ولا يُستدلّ بها لأنّهم متّبعون، والمتّبع لا يُستدلّ بقوله وإنّما يُستدلّ بالمصدر الذي اعتمد عليه أن كان معتبراً تحققت فيه الشروط.

أقول: فإن كان المحققون لا يعتدّون بأقوال الأئمّة القدامى إلاّ فيما ثبت بالرواية واشتهر واستفاض عندهم، فكيف بالأقوال التي انفرد بها المتأخّرون بل والمعاصرون؟ كيف يُستدلّ الآن بأقوال المتأخّرين والمعاصرين فيما يخالف المشهور من أقوال القدامى فضلاً عن المجمع عليه عندهم.

لذا فلازم على كلّ باحث في علم التجويد والقراءات أن يعرف ما يصلح للاستدلال به وما لا يصلح، وأن يفرّق بين مقام الاستدلال ومقال الاستشهاد والاستئناس، وإنّ كلّ ما يُنقل في الكتب خاضع للنقد والاعتراض إلاّ إذا ثبت الوجه بشروطه الثلاثة التي تكسب له القطعيّة في الدلالة.

الخلاصة:

نخالص مما سبق أنّه إذا ثبت الوجه بالشروط المذكروة وجب العمل به، لأنّه ثابت بالرواية الصحيحة المشهورة التي اكتسبت له القطعيّة في الدلالة ممّا يجعلها لا تخضع للنقد والاعتراض، وما عدا ذلك ممّا أُدخلَ في الرواية من آراء واختيارات شخصيّة اجتهاديّة أو تحريرات وغير ذلك فإنّه يخضع للنقد والاعتراض مّما يجعله لا يُقطع بصّحة ولا يُعتبر بالأقوال المتضمّنة له إلاّ استئناساً واستشهاداً. فليس كلّ نصّ يصلح الاستدلال به مهما كانت درجة قائله في العلم، وليس كلّ ما في المصادر مُعتبراً، وليست كلّ المصادر معتبرة، ليس كلّ مشهور معتبر.

هذا ما ظهر لي في المسألة وهو لا شكّ يحتاج إلى نظر واستدراك ومناقشة، أسأل الله تعالى أن يفتح صدور مشايخنا للتفكّر والتعقّل في هذه القضيّة المهمّة وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[11 Nov 2009, 07:09 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

من اطلع على كتاب النشر لابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى يدرك أنّ صاحبه متّبع لسلفه ولأئمّة الأداء المتقدّمين عليهم رحمة الله تعالى، وقّافاً على أقوالهم لا سيما فيما أجمعوا عليه وتواترعندهم واستفاض وانتشر، والقطع حاصل بجميع ذلك كما ذكر في كتابه منجد المقرئين، وقد ألّف كتابه النشر على هذا الشرط وهو أن تثبت القراءة بالسند المتصل مع عدالة الرواة وشهرة القراءة. فاستبعد كلّ الأوجه التي خرجت عن هذا الشرط وهو ما انفرد به البعض وشذّ به عن الجماعة. فقام بعزو الأوجه المنقولة إلى مصادرها ورواتها وحصر تلك المصادر والطرق التي انحدرت ونشأت منها، ثمّ قام بعملية التنقيح وغربلة ما تضمنته تلك المصادر بإخراج كلّ ما لم يوافق الشرط الذي ألزم به نفسه في كتابه النشر.

.

السلام عليكم

أخي الحبيب

ليست كل الانفرادات استبعدها ابن الجزري.

فقد حكم بالانفرادة علي كلمات ابن وردان الأربعة.

وأخذ بهم في الدرة مع أنها انفرادات .. أليس كذلك؟؟

وعليه يجب أن يكون في الكلام تقييد.والله أعلم

والسلام عليكم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير