إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله_ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا. أما بعد ...
فأقول: اختلف القراء في كيفية الوقف علي " يحي " إذا كان بعدها ساكن مثل: يحي الله ـ يحي الموتي ـ يحي الأرض وأشباهها، فمنهم من قال: يوقف بياء واحدة كما في الرسم، ومنهم من قال يوقف بياءين لأن الياء محذوفة رسما فقط.
وقبل الشروع في أدلة الفريقين نذكر مقدمة مختصرة عن رسم المصحف لأن هذه المقدمة هي التي ستوضح المسألة أكثر.
هناك فرق بين مخالفة الرسم العثماني، وبين التحسينات والزيادات علي الرسم العثماني.
أما المخالفة للرسم مثل: قراءة الحسن البصري " ولكن الشياطون كفروا " فردت القراءة لمخالفتها للرسم
أما قراءة تخفيف أو تشديد (لكن) و رفع أو النصب " الشياطين " فلا توجد مشكلة أو مخالفة الرسم لعدم وجود التشكيل في المصحف.
أما هذه الزيادات من وضع فتحة وضمة ووو بما تسمي الزيادات لا تخالف المصحف، وأيضا لم يقبلوا قراءة من قرأ بمخالفة خط المصحف، بل لم يقبلوا قراءة وافقت رسم المصحف ولم ينقل عن السابقين،لأن المشافهة هي الأصل
أما ما ذهب إليه سلطان العلماء العز بن عبد السلام وغيره من جواز كتابة المصحف بالخط الإملائي معللا بقوله:" لئلا يوقع في تغيير من الجهال "
وتعقبه الزركشي: ولكن لا ينبغي إجراء ذلك علي إطلاقه لئلا يؤدي إلي درسه ولا يترك شئ قد احكمه السلف مراعاة لجهل الجاهلين، ولن تخلو الأرض من قائم لله بحجة " البرهان للزركشي 2/ 14
ولهم عدة أدلة أخري والشيخ العز بن عبد السلام كان ممن يقولون بالمصالح المرسلة فظن ذلك أنها من مصلحة الناس.
والراجح القول بوجوب اتباع الرسم العثماني لعدة أسباب منها:
1. قال الداني في المقنع: وسئل مالك رحمه الله هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء فقال لا إلا على الكتبة الأولى.
حدثنا أبو محمد عبد الملك بن الحسن إن عبد العزيز بن علي حدثهم قال حدثنا المقدام بن تليد قال حدثنا عبد الله بن عبد الحكم قال قال أشهب سئل مالك فقيل له أرأيت من استكتب مصحفا اليوم أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء اليوم فقال لا أرى ذلك ولكن يكتب على الكتبة الأولى قال أبو عمرو ولا مخالف له في ذلك من علماء الآمة وبالله التوفيق. "
2. قول االامام احمد:" تحرم مخالفة خط المصحف عثمان في واو أو ألف أو غير ذلك " ا. هـ حجة الله علي خليقته للمطيعي
3. ونقل الجعبري وغيره إجماع الأئمة الأربعة علي وجوب اتباع الرسم العثماني " تاريخ المصحف صـ53
4. ولو كتب بالخط الإملائي فربما يعرض النص القرآني للتبديل والتغيير إذ أن قواعد الإملاء الحديثة تختلف فيها وجهات النظر في العصر الواحد وتتفاوت بعض الكلمات من بلد لآخر، وحيطتنا للكتاب العزيز يضطرنا أن نجعله بمنأي من هذه التغيرات في رسمه وكتابته.
5. ضياع كثير من اللغات الفصحي إذ لو ضاع الرسم لا يمكن أن نستدل عليها بالقرآن الكريم الذي هو أصدق الحديث
6.انقطاع السند للصحابة إذ رسمه الخاص هو الحصن المانع لقراءته بغير السند والرواية
7. أن للرسم العثماني مزايا وخصائص وفوائد كثيرة لا تتحقق إلا بالالتزام به والحافظة عليه
أما قولهم توقع الناس في مشقة وحرج، فمردود لأن القرآن لا يؤخذ إلا تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام الذي اخذ القرآن عن طريق جبريل عليه السلام، فلا مشقة ولا حرج لمن تعلم بهذه الطريقة." بتصرف من كتاب المتحف في رسم المصحف د/ عبد الكريم صـ 180/ 189
و لكم هذه الفتوي
حكم تغيير رسم المصحف العثماني
مجمع الفقه الإسلامي المتفرع عن رابطة العالم الإسلامي
رقم القرار2:
رقم الدورة: 7
¥