وبالنسبة لكلام الدباغ فلم أجد من وافقه عليه في القول بإعجاز الرسم، وعلى كلامه - كله - أكثر من مأخذ
وتلك المآخذ أيضا التى أومأتم اليها هل نطمع فى معرفتها
وقد وجدت كثيرا من المعاصرين قد وافقوا الدباغ على ما ذهب اليه واستشهدوا به فى بحوثهم وكتبهم فى الرسم، بما يعنى أن كلامه كان له سطوة وتأثير عليهم
عيدكم مبارك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[22 Sep 2009, 02:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين
وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أخي السائل الحبيب أحمد قباوة سلام الله ورحمته وبركاته عليكم وعلى كل من يقرأ هذا المقال
أما عن سؤالك حول رسم كلمة إبراهيم في سورة البقرة أو غيرها فأقول:
بعد تدريسي لمادة رسم المصحف الشريف لما يقارب من تسع سنوات وبحثي العلمي فيها هذه خلاصة الخلاصة في الذي وقفت عليه في مسألة رسم المصحف وهي ما يأتي
أولا: رسم المصحف الشريف توقيفي ليس لبشر أي يد فيه لا من قريب ولا من بعيد، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى
أما كلمة التابوت، فقرأت مخطوطا في العراق حول رسم المصحف أثناء تحضيري للدكتوراه منذ 1997 أشار مؤله إلى أن هذه الكلمة قد مسها شيء من الرطوبة فتفشى فيها بعض الحبر الذي كتبت به في المصحف الإمام.فلذلك جرى بينهم النقاش هل كتبت في المصحف الإمام بالتاء المبسوطة أم بالمربوطة .....
ثانيا: هنالك العديد من التوجيهات لرسم المصحف الشريف، والتي لا يمكن للإنسان أن يخص وجها دون غيره لتوجيه الرسم. أرجو التكرم بمطالعة بحثي الموسوم توجيهات الداني لظواهر الرسم القرآني، أقصد بالداني أبو عمرو عثمان بن سعيد توفي 444هـ وكتابه المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار. وهو موجود بروابط عديد على النت
ثالثا: لم يجرّد الصحابة المصاحف من النقط والشكل، وهذه العبارة خطأ نقل في تفسير روايات تاريخية لسيدنا عثمان رضي الله عنه في وصيّته لمن بعثهم يحملون المصحف الإمام للأمصار، حيث حُمِل كلامه وفسّر على غير وجهه الصحيح، وتناقل الناس هذا التفسير المخالف لقول سيدنا عثمان، وقد تتبعت ذلك بدقّة،
فأصل كلام سيدنا عثمان: جردوا المصاحف مما ليس منها، أي من حديث وتفسير، أما النقط والشكل فجاء متأخرا، حتى بعد زمن سيدنا علي عليه الصلاة والسلام
- وهناك خلط كثير في الروايات التي تشير إلى أول من وضع العربية، ووضع النقط والشكل، مع اختلاف كل قسم منهما، فأول من وضع النقط أبو الأسود الدؤلي، وليس نقطه الموجود في مصاحفنا وكتاباتنا، بل الموجود في كتاباتنا هذه الآيام هو نقط نصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يعمر العدواني الثقفي، وأما نقط الدؤلي فاستعاض عنه الخليل بن أحمد الفراهيدي بالحركات (التشكيل) الذي نستخدمه الآن
أرجو التكرم بمطالعة بحثي الموسوم أبو الأسود الدؤلي وجهوده في نقط المصحف وهو منشور في مجلة دراسات في الجامعة الأردنية
رابعا: هنالك العديد من الأمور في تاريخ رسم المصحف الشريف بحاجة إلى إعادة نظر، بعد التحقق من دلالات الروايات التاريخية وفهمها على وجهها الصحيح.
خامسا: ما يتناقله أهل علوم القرآن في عدد من مسائل القراءات القرآنية ورسم المصحف بحاجة إلى تحقيق.
نحو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ سيدنا هشام بن حكيم وسيدنا عمر كلا على الوجه الذي قرأ به ليستنتج من ذلك أن القراءة كانت وفق اللهجة أو غير ذلك. أو أن القراءة كانت بالتخيير كلا وفق ما يجيد، وهذا أمر جد خطير. وهو مخالف لصريح النص المنقول في نفس الأثر.
سادسا: رسم المصحف طبعة المدينة ليس نسخة طبق الأصل لأحد المصاحف العثمانية بل هو مأخوذ مما وافق رواية حفص عن عاصم من هذه المصاحف يراجع الملحق آخر المصحف طبعة المدينة.
سابعا: إن من أعظم الأخطاء التي أراها تنتشر بين غير المختصين هي، وضع قواعد للرسم نحو قاعدة إثبات الألف وحذفها، .....
وهذا بعيد عن الصّحة من عدّة وجوه، ولم يتخذه المتقدمون إسلوبا لحديثم عن رسم المصحف ...
ثامنا: هناك أمور نقلت عن سيدنا عثمان في رسم المصحف حساسة جدا وبحاجة ماسة إلى نقد علمي وتحقيق دقيق، وإن أحب أهل الاختصاص التعاون لكتابة بحوث علمية فأنا على أتم الاستعداد.
تاسعا: تم جمع المصحف الشريف أكثر من مرّة وليس زمن سيدنا أبي بكر رضي الله عنه فقط. وكلّها متفقة لا اختلاف فيها
ما يتناقله كثير من طلبة العلم عن القراءات القرآنية الكريمة وإثباتها في رسم المصحف يحتاج إلى الكثير من البحث قبل ذكره على هواهنه.
عاشرا: ليس كل ما يكتب في رسم المصحف من متخصصين ودارسين وعلما، فأرجوا أن يفرق طلبة العلم بين العالم الحذق المتفهم لما ينقل، وبين الذي نقل دون حذق وفهم.
ولا يظنن أحد من هذا الكلام أنه يمس رسم المصحف أو ينقص من شأنه. على نحو ما
رآه بعض المستشرقين وحاولوا الطعن والتشكيك في هذا الكتاب الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل هذا جميعه وهذه الدراسات التي أُلّفت وتؤلّف في ذلك ما هي إلا آيات للناس في مدى حفظ الله لكتابه الكريم.
وإن كنت أخي الكريم تكتب عن قصة سيدنا إبراهيم، فأرجو أن لا تقحم رسم المصحف في توجيه معاني مسبقة حتى تتيقن من الذي تكتبه
وأنوه إلى أنني قرأت كتاب الشيخ عبد العزيز الدباغ فيما نقله عنه تلميذه ابن المبارك فظننت للمرة الأولى والثانية أنه لا معنى من كلامه، لكن بعد أن أعدت القراءة مرارا وتكرارا، وجدت أن فيه علما قيما بحاجة إلى دراسة وتقعيد خصوصا أن صاحب هذا التأويل لرسم المصحف رجل أمي، وإن كنت لا أوافقه في جميع أقواله، فنًتَّبع أحسن القول.
عندي بحث في توجيه رسم المصحف أسأل الله أن يتم نشره قريبا في مجلة علمية عالمية محكّمة لأتمكن من نشره على النت
هذا ما تبادر لي على عجالة فأرجو من الله التوفيق والسداد
من أحب أن يستفسر عن أي أمر أو يناقشني في مسائل رسم المصحف فأفيد منه أرجو أن لا يبخل علي بالتواصل على العنوان [email protected]
الفقير إليه سبحانه د. حسن عبد الجليل العبادلة
¥