لكننا نجد أنّ ابن جني والعكبري أثبتاها ضمن القراءات الشاذة [26، ج1، ص118]، فأما ابن جرير الطبري فقد رد القراءة الشاذة وأثبت القراءة المتواترة مستدلاً بأنها قراءة الكافة وعليها مصاحفهم [17، ج2، ص132].
القراءات الشاذة التي وسعت معنى الآية:
النموذج الأول:
قوله تعالى: "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ" [البقرة: 196].
القراءة المتواترة: بنصب العمرة أفادت مجرد الأمر بإتمامها بعد الشروع فيهما لله.
القراءة الشاذة: برفع العمرة أفادت الأمر بإتمام الحج ثم استأنفت بكلام جديد أن العمرة لله ليفيد مزيد الاهتمام بالعمرة وأنها لا تكون إلا لله، وفيه زيادة المحافظة عليها [73، ج1، ص237] و [19، ج2، ص473].
ومن القراءات الشاذة ((أقيموا الحج والعمرة لله))، وقرئ ((أقيموا الحج والعمرة إلى البيت لله)).
فالأولى: أفادت الإدامة على فعلهما والمحافظة عليهما.
والثانية: أفادت التنصيص على قصد بيت الله الحرام بالحج والعمرة لا إلى غيرهما [19، ج2، ص474].
قال أبو حبان بعد إيراده القراءات الشاذة السابقة: (وينبغي أن يحمل هذا كله على التفسير لأنه مخالف لسواد المصحف الذي أجمع عليه المسلمون) [25، ج2، ص72].
ويظهر من القراءات الشاذة كيف أنها وسعت معاني الآية وعددت منه.
قوله تعالى "وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ. . ." [البقرة: 282].
قرأ عامة القراء العشر: ((كاتبًا)).
وقرأ ابن عباس والحسن ((كتابًا)) بضم الكاف وتشديد الفاء بعدها ألف [25، ج2، ص355].
وقرأ أبي ابن كعب ومجاهد وأبو العالية ((كتبًا)) بكسر الكاف وفتح التاء المخففة.
فكانت القراءات الشاذة في هذه الكلمة على النحو التالي:
(1) ((كُتابًا)) على الجمع. (2) ((كتبًا)) بدون ألف على الجمع أيضًا.
(3) ((كتابًا)) أي ما يكتبون. (4) ((كتبًا)) أي على الجمع [65، ص18].
وسعت القراءة الشاذة معنى الآية فدلت على أن الرهن يكون لفقد الكتابة قال أبو حبان: (نفي الكاتب يقتضي نفي الكتابة ونفي الكتابة يقتضي أيضًا نفي الكتب [25، ج2، ص355].
وأورد ابن جرير الطبري قول ابن عباس في الآية، قال: (قد يوجد الكاتب ولا يوجد القلم ولا الدواة ولا الصحيفة، والكتاب يجمع ذلك كله، قال: وكذلك كانت قراءة أبي بن كعب) [17، ج3، ص139]. فتأمل كيف أن القراءات وسعت معاني الآية الكريمة.
النموذج الثاني:
قوله تعالى: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" [الإسراء: 16 قوله "أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا" فيها أربع قراءات: متواترتان وشاذتان:
قرأ يعقوب بمد الهمزة مع التخفيف ((آمرنا)) [10، ج2، ص306] وقرأ باقي العشرة بدون مد وبفتح الميم ((أمَرنا)) فهاتان قراءتان متواترتان.
وقرأ الحسن ويحيى بن يعمر بكسر الميم مع تخفيفها ((أمِرنا)) [26، ج2، ص15 - 16] وقرأ ابن عباس وأبو العالية وغيرهما بتشديد الميم ((أمّرنا)) وهاتان قراءتان شاذتان.
معاني القراءات:
((آمرنا مترفيها)) بمعنى كثرنا مترفيها.
((أمرنا مترفيها)) قيل معناه أمرناهم بالطاعة ففسقوا وقيل كثرنا مترفيها وقيل معناه سلطنا مترفيها بالأمارة [73، ج4 ص134].
أما قراءة ((أمِرنا)) من أمِر القوم إذا كثروا وقد أمرهم الله أي كثرهم [26، ج2، ص16].
أما قراءة ((أمّرنا)) ففيها قولان: الأول: كثرنا، الثاني: ولينا مترفيها وصيرناهم أمراء [74، ج4 ص135 - 137].
ويتبين لنا من خلال عرض هذه القراءات متواترها وشاذها وبيان معانيها أن القراءات كيف وسعت معاني الآية الكريمة وبه يتبين أثر القراءات في توسيع معاني الآية.
القراءات الشاذة التي أزالت الإشكال:
النموذج الأول:
قوله تعالى: "وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآْخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ. . ." [الأعراف: 156].
قرأ عامة القراء العشرة "أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ" وقرأ الحسن وزيد بن علي وطاووس ((أصيب به من أساء)) [26، ج2، ص261].
¥