تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ففي الآية الأولى تدل القراءة المتواترة على أن إبراهيم وصى بنيه بالاستمساك بملته فيحيوا مسلمين ويموتوا مسلمين وكذلك يعقوب أوصى بنيه بما أوصى به إبراهيم بنيه وبه يتبين أن يعقوب معطوف على إبراهيم [30، ص305].

أما القراءة الشاذة فبينت أن يعقوب معطوف على بنيه الواقع مفعولاً به والمعطوف على المنصوب منصوب، وتدل هذه القراءة على أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أوصى حفيده يعقوب، بمعنى أن يعقوب ولد في حياة أبيه وكان في سن يعي فيه الوصية من جده مما دل إشراك جده إبراهيم له مع أعمامه بالإيصاء.

ودلت آيتان من كتاب الله على معنى هذه القراءة الشاذة:

الأولى قوله تعالى: "فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ" [هود: 71] والثانية قوله تعالى: "وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً" [الأنبياء: 72].

ففي الآية الأولى إخبار من الله أنه بشر زوج إبراهيم بالولد والحفيد فكان الولد والحفيد ميلادهما في حياة الجد والجدة.

وبينت الآية الثانية أن الموهوب هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأن النافلة هو ولد الولد فدلت هذه القراءة الشاذة على هذه المعاني [30، ص305 - 306] أما الآية الثانية: القراءة المتواترة أشارت على أن فارس والروم دخلا في معارك حربية انتصر فيها الفرس على الروم عام 616م ففرح المشركون لهزيمة الروم لأنهم كانوا أهل كتاب، وانتصار فارس الذين كانوا مثلهم، وقالوا للمسلمين إن حاربناكم سننتصر عليكم، وحزن المسلمون لأنهم أحبوا انتصار الروم على الفرس فأنزل الله الآية فسر المسلمون بذلك ثم نشبت حرب بين الفريقين بعد تسع سنين انتصر فيها الروم على الفرس فهذا ما تدل عليه القراءة المتواترة [30، ص99 - 100].

أما القراءة الشاذة، فدلت على أن الروم الذين سيهزمون الفرس في حرب قادمة ولكن هذا النصر سوف لا يستمر لهم إنما ستأتي حرب بعد هذه الحرب التي خاضوها مع الفرس مع أمة أخرى سيكونون مهزومين فيها وذلك بعد بضع سنين من انتصارهم على فارس وهذا الذي حدث فقد فكروا في قتال المسلمين وأعدوا جيشًا قوامه مائتا ألف ولما علم بهم النبي عليه الصلاة والسلام أعد جيشًا قوامه ثلاثون ألفًا بقيادته وتوجه بهم إلى تبوك وعسكر هناك أيامًا ولما علم الروم بذلك آثروا السلامة واكتفي قيصرهم بإرسال رسالة إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فلم يلتحم الجيشان وعُد ذلك نصرًا للإسلام والمسلمين بما ترتب عليه من آثار [66، ج7 ص144 - 149].

حكم القراءة بالشاذ في الصلاة وخارجها

اختلف العلماء في حكم القراءة بالشاذ في الصلاة وخارجها كما اختلفوا في جواز الاحتجاج بها من عدمه في ميدان الأحكام وإليك بسط كلامهم فيما يخص حكم القراءة في الصلاة بالشاذ أولاً.

المذهب الحنفي:

اختلف فقهاء المذهب في حكم الصلاة بالشاذ إلى ثلاثة آراء:

الرأي الأول:

تفسد الصلاة إذا اقتصر فيها على الشاذ، وتصح إذا قرأ معه متواتر.

قال ابن نجيم: (الاتفاق على عدم الاكتفاء بها – أي القراءة الشاذة – في الصلاة) [66، ج1 ص10].

وقال السرخسي: (إن الصلاة تفسد بها – أي القراءة الشاذة – لأن ما دون المتواتر لا يبلغ درجة العيان، ولا يثبت بمثله قرآن مطلقًا، ولهذا قالت الأمة: لو صلي بكلمات تفرد بها ابن مسعود – رضي الله عنه – لم تجز صلاته لأنه لم يوجد فيه النقل المتواتر، وباب القرآن باب تعيين وإحاطة، فلا يثبت بدون النقل المتواتر كونه قرآنًا وما لم يثبت كونه قرآنًا فتلاوته في الصلاة كتلاوة خبر فيكون مفسدًا للصلاة) [42، ج1 ص279].

الرأي الثاني:

عدم فساد صلاة من يقرأ بالشاذ فيها [66، ج1 ص10].

الرأي الثالث:

التفصيل في ذلك بين القراءة الشاذة التي تغير المعنى والقراءة التي لا تغيره، فتصح الصلاة إذا لم يتغير المعنى وتبطل إذا غير المعنى [66، ج1 ص10].

المذهب المالكي:

لم يتطرق الإمام مالك إلى حكم الصلاة التي يقرأ فيها بالشاذ وإنما اكتفى من ذلك بقوله: (من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف لم يصل وراءه) [67، ج8 ص293] وروى عنه تلميذه ابن القاسم قوله: (سئل مالك عن رجل صلى خلف رجل يقرأ بقراءة ابن مسعود؟ قال: يخرج ويدعه ولا يأتم به).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير