الثانية: مراجعة الشيوخ المتخصصين في القراءات وهذا هو الأصل في تلقي القرآن بقراءته المتواترة لأن القراءات مبنية على التلقي والرواية لا على الرأي والدراية، وبذلك أقر الصحابة رضي الله عنهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام أقرأهم القراءة التي تلقوها عنه ثم نقلوها إلى من بعدهم مما يدل أنها ثبتت بالتلقين والتوقيف، والأخذ والمشافهة والسماع، التي لا يغني عنها الكتاب بأي حال من الأحوال. [60، ص204 - 205].
ثانيًا: التنقيب والبحث في الكتب المتخصصة في القراءات الشاذة ومنها:
1 - المحتسب في وجوه شواذ القراءات، لابن جني.
2 - المختصر في شواذ القراءات، لابن خالويه.
3 - شواذ القرآن وتاريخ المصاحف – لابن الأثير.
4 - إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر – للدمياطي.
5 - تعليل القراءات الشاذة – لأبي البقاء العكبري.
وغيرها من الكتب التي اهتمت بإيراد القراءات الشاذة كتفسير الطبري، والزمخشري، وأبي حيان الأندلسي [60، ص204 - 205] و [71، ص126 - 127].
كذلك يمكن مراجعة الشيوخ الجامعين للقراءات فما لم يكن متواترًا عندهم فهو من الشواذ في ضوء ما سبق بيانه من أنواع المتواتر والشاذ.
آثار القراءات الشاذة
الآثار جمع ومفرده أثر، وهو ما يترتب على الشيء ويدل على وجوده. يدل عليه قوله تعالى: "فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا. ." [الروم: 50].
والمقصود بآثار القراءات الشاذة هو بيان ما ينتج عنها ويحصل بسببها من علوم وتوجيهات وتفسيرات، ما كانت لتوجد إلا بوجود تلك القراءات، فوجودها أحدث أثرًا في التفسير والأحكام الشرعية الفرعية واللغة العربية.
فهذه العلوم الثلاثة أثرت فيها القراءات القرآنية على وجه الخصوص تأثيرًا كبيرًا فالقراءات كانت مصدرًا ثرًا من مصادر هذه العلوم.
ففي علم التفسير اعتبر أن كل قراءة بمثابة آية مستقلة تفيد في استخراج المعاني والأحكام.
وعلم الفقه اتخذ من القراءات مصدرًا هامًا لاستنباط الأحكام، وهذا يتناول القراءات سواء تواترت أم كانت شاذة، لأنهم كانوا ينظرون إلى الشاذ على أساس أنه قرآن نسخت تلاوته، أو أخبار تفسيرية، وهم حينما يحتجون به إنما يستندون إلى أن كل من القرآن والخبر يوجب العمل.
كما أثر تعدد القراءات الشاذة على اختلاف النحاة فكانوا يتخذون القراءة دليلاً لإفحام خصومهم، كما أفادوا منها في بيان الوجوه النحوية التي تتعلق بالإعراب أو الوجوه الصرفية، أو اللغوية أو غيرها كالتوفيق بين القراءات.
فالقراءات إذا كانت ذات أثر في إرساء قواعد اللغة العربية وبيان مكانتها اللائق بها وإليك بيان أثر القراءات الشاذة في العلوم الثلاثة:
علم التفسير، علم الفقه، علم اللغة.
أثر القراءات الشاذة في علم التفسير:
سبق أن ذكرنا من قبل في أنواع القراءات أنها تنقسم إلى قراءات متواترة، وشاذة، ومردودة، أما الأخيرة فلا يعول إليها بأي حال من الأحوال، أما الأولى فالمعنى التفسيري الناتج عن اختلافها إنما هو من باب تفسير القرآن بالقرآن، والمقصود هنا بيان أثر التفسير الناتج من القراءات الشاذة، فهذا إن لم يكن من باب تفسير (القرآن بالقرآن لعدم الجزم بقرآنيته، فلا أقل من أن يكون من باب تفسير القرآن بقول النبي عليه الصلاة والسلام، أو على أدنى أحواله أن يكون من نوع تفسير القرآن بقول الصحابي، وإليه ذهب أكثر الفقهاء والمفسرين.
يقول ابن جني مبينًا هذا النوع من القراءات: (وضرب تعدى ذلك فسماه أهل زماننا شاذًا، أي خارجًا عن قراءة القراء السبعة المقدم ذكرها، إلا أنه مع خروجه عنها نازع بالثقة إلى قرائه محفوف بالروايات من أمامه وورائه، ولعله أو كثير منه مساو في الفصاحة للمجتمع عليه. .) [26، ج1، ص32].
وقد أدرك المفسرون قديمًا وحديثًا أثر القراءات سواء كانت متواترة أم شاذة في بيان معان جديدة للآيات القرآنية فهذا ابن عباس رضي الله عنه يبين أثر القراءة الشاذة في بيان معنى جديد للآية في قوله تعالى: "وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَْرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا. ." [البقرة: 61] ففسر ((فومها)) بالحنطة، وهي القراءة المتواترة [19، ج1، ص383].
¥