تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال النووي: (لا تجوز القراءة في الصلاة ولا في غيرها بالقراءة الشاذة، وليست قرآنًا، لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وأما الشاذة فليست متواترة، فلو خالف وقرأ بالشاذ أنكر عليه، سواء قرأ بها في الصلاة أو غيرها، هذا هو الصواب الذي لا معدل عنه، ومن قال غيره فهو غالط أو جاهل) [54، ج5 ص131].

وقال السبكي في جمع الجوامع: (وتحرم القراءة بالشاذ والصحيح أنه ما وراء العشر) [52، ج1 ص299].

وقال ابن الصلاح: (وهو ممنوع من القراءة بما زاد على العشر منع تحريم لا منع كراهة في الصلاة وخارجها، ويجب على كل أحد إنكاره، ومن أصر عليه وجب منعه، وتأثيمه وتعزيره بالحبس، وغيره، وعلى المتمكن من ذلك ألا يهمله) [68، ج1، ص231 - 232].

وقال السخاوي: (لا تجوز القراءة بشيء مما خرج عن الإجماع، ولو كان موافقًا للعربية، وخط المصحف، ولو نقلته الثقات، لأنه جاء عن طريق الآحاد، وتلك الطريق لا يثبت بها القرآن) [69، ج1، ص241]. وذكر عبدالفتاح القاضي فتوى نسبها إلى ابن حجر عندما استفتي عن حكم القراءة بالشاذ فقال: (تحرم القراءة بالشاذ وفي الصلاة أشد، ولا نعرف خلافًا بين أئمة الشافعية أنها ما زاد عن العشر، بل منهم من ضيق فقال: ما زاد عن السبع) [70، ص20 - 21].

فهذه النصوص التي نقلت عن أئمة الإسلام وعلماء القراءات تدل دلالة لا لبس فيها ولا خفاء على أن القرآن لا يثبت إلا بطريق التواتر، ولا يكتفي في ثبوته بصحة السند.

قال عبدالفتاح القاضي: (إن التواتر منحصر في القراءات العشر التي نقرؤها الآن بل قيل في السبع فقط، وأن ما وراءها من القراءات فهو قراءات شاذة، وإن وافقت الرسم، ونقلت عن الثقاة واشتهرت واستفاضت فإن ذلك كله لا يخرجها عن شذوذها، فلا تسمى قرآنًا وتحرم القراءة بها في الصلاة، بل يحرم على المسلم اعتقاد قرآنيتها وإيهام السامعين أنها من القرآن. . . إلى أن قال هذا رأي جماهير العلماء من الأصوليين والفقهاء والمحدثين، وعامة علماء القراءات) [70، ص21].

القول الثاني:

قيل أنه يجوز تلاوة القرآن بشواذ القراءات وهذا القول حكاه السيوطي عن بعض الفقهاء، قياسًا على رواية الحديث بالمعنى [9، ج1 ص109].

وقد أفتى مكي بن أبي طالب وابن الجزري بجواز القراءة بالشاذ إذا توفرت خمس شروط [11، ص10] وهي:

1 - أن يكون الشاذ المقروء به موافقًا للرسم.

2 - أن يكون موافقًا للغة العربية.

3 - أن يصح سنده.

4 - أن يظهر بالشهرة.

5 - أن يتلقى بالقبول.

ولا شك أن هذا القول ظاهر الضعف ولا يعول عليه، ذلك أن ما لم تثبت قرآنيته لا يصح القراءة به لأنها نوع من التعبد ولأن خلاصة ما انتهى إليه فقهاء المسلمين وعلماؤهم وقراؤهم أن الشاذ من القراءات لا يقرأ به في الصلاة ولا في خارجها لأن الأمة الإسلامية أجمعت على أن القرآن هو كلام الله المنزل على رسوله محمد عليه الصلاة والسلام المكتوب في المصاحف المنقول إلينا بالتواتر المبدوء بالفاتحة المختوم بالناس.

ولأن القراءة بغير المتواتر فيه (تشويش وتخليط على جماهير المسلمين، يفرق كلمتهم ويثير بينهم الخلاف الذي حسم أمره الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه) [30، ص118].

وإذا علمت (أن القراءة الشاذة لا تجوز القراءة بها مطلقًا، فاعلم أنه يجوز تعلمها وتعليمها، وتدوينها في الكتب، وبيان وجهها من حيث اللغة والإعراب والمعنى واستنباط الأحكام الشرعية منها على القول بصحة الاحتجاج بها، والاستدلال بها على وجه من وجوه اللغة العربية، وفتاوى العلماء قديمًا وحديثًا مطبقة على ذلك) [11، ص10].

كيفية التعرف على القراءات الشاذة

لا شك أن التعرف على القراءات الشاذة من الأهمية بمكان فمن خلاله يتوصل طالب العلم إلى التمييز بين ما يقرأ به من القراءات المتواترة، وبين ما لا يقرأ به من الشاذ، ولمعرفة ذلك عدة طرق منها:

أولاً معرفة القراءات المتواترة والثابتة، في السبع المعروفة، والثلاث المكملة لها، ويتم ذلك عن طريقين:

الأولى: الوقوف عليها من خلال مراجعة الكتب المؤلفة في القراءات المتواترة، كالسبعة، لابن مجاهد، والنشر لابن الجزري، ومتن الشاطبية، للشاطبي، ومتن الدرة والطيبة لابن الجزري، وغيرها من المؤلفات التي اهتمت وخصصت بإفراد القراءات السبع أو العشر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير