تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما القراءة الشاذة فبينت المعنى المراد من الثياب وهو الجلباب المشتمل على الجسد مما يلبس فوق الثياب كالملحفة.

فكان في القراءة الشاذة دفع الإشكال المتوهم من القراءة المتواترة في المقصود من الثياب [19، ج2، ص670 - 671].

النموذج الثالث:

قوله تعالى: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [الجمعة: 9] قرأ عامة العشرة "فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ"، وقرأ عمر بن الخطاب وابن مسعود وأبي وابن عمر وابن عباس وغيرهم ((فامضوا)) [26، ج2، ص321 - 322].

معنى القراءتين:

المتواترة ظاهرها السعي الذي يتمثل فيه الخفة والسرعة، وهذا فيه إيهام بالسعي جاءت الشاذة فأزالت هذا الإيهام وبينت أن المراد من السعي هو السعي القلبي الذي يدل على الاهتمام والإقبال عليها حتى لا تفوتهم [34، ج1، ص148] وإنما إذا أرادوا الصلاة بعد سماع النداء أن يمشوا بسكينة ووقار وهذا الذي فهمه السلف وعملوا به انطلاقًا من قوله عليه الصلاة والسلام "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون، وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" [20، ج1، ص156].

وقد أشار القرطبي وأبو حيان بأن هذه القراءة الشاذة تحمل على أنها قراءة تفسيرية [29، ج18، ص102] [25، ج8، ص268].

وبهذا يتبين أن القراءة الشاذة أزالت الإشكال ورفعت التوهم الوارد في القراءة المتواترة لأن المضي ليس من مدلوله السرعة.

أثر القراءات الشاذة في الأحكام الشرعية الفرعية:

سبق ذكر احتجاج الفقهاء بالقراءات الشاذة واعتبارهم لها مصدرًا من مصادرهم التي بنوا عليها بعض أحكام الفقه الفرعية.

وإليك بعض الآيات القرآنية التي وردت فيها قراءات شاذة والتي ترتب عليها أحكام فقهية مع بيان موقف الفقهاء وبيان أثر تلك القراءات الشاذة على الأحكام الفقهية:

النموذج الأول: قوله تعالى "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" [البقرة: 238]، في قراءة عائشة وابن عباس وجماعة: ((والصلاة الوسطى هي صلاة العصر)) [65، ص15] و [25، ج2 ص240].

وبناء على ورود القراءة الشاذة في الآية اختلف العلماء في المعنى المراد بالصلاة الوسطى، فذهب الجمهور إلى أنها صلاة العصر مستندين إلى القراءة الشاذة والبعض الآخر منهم ذهب كذلك إلا أنه لم يستند إلى القراءة بل استند إلى الأحاديث الصحيحة التي جاءت ببيان ذلك كالأحناف والشافعية كقوله عليه الصلاة والسلام "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا" [20، ج3، ص233].

وذهب المالكية إلى أنها صلاة الصبح واحتجوا بما جاء بعدها من نهاية الآية "وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" فقالوا كونها قرنت بالقنوت ولم يثبت إلا لصلاة الفجر فدل على أن المراد بها صلاة الصبح، ولم يحتجوا بالقراءة الشاذة [76، ج1 ص489] فدل هذا على أن للقراءة الشاذة أثر على الأحكام الفقهية.

النموذج الثاني: قوله تعالى: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [المائدة: 38] قرأ ابن مسعود ((والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهما)) [65، ص33] [29، ج6 ص167].

اتفق الفقهاء على أن حكم السارق هو وجوب قطع يده اليمنى من المفصل [2] لكنهم اختلفوا في مآخذ الحكم، فتمسك الأحناف بقراءة عبدالله بن مسعود وهي ((والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم)) حيث قالوا (ويقطع يمين السارق. . . ويحسم. فالقطع لما تلوناه من قبل، واليمين بقراءة عبدالله بن مسعود رضي الله عنه – أي فاقطعوا أيمانهما – ومن الزند لأن الاسم يتناول اليد إلى الإبط) [77، ج1 ص152 - 153].

وبهذا يتبين لنا أثر القراءات الشاذة في الاستدلال في الأحكام الفرعية.

وهناك مسائل كثيرة في الفروع اختلفوا فيها ذكرها الفقهاء كأثر من آثار القراءات الشاذة في الاستدلال الفقهي لا يتسع المقام لذكرها وهي مثل:

1 - الصوم في كفارة اليمين.

2 - النفقة على الأقارب.

3 - ميراث الأخوة لأم.

4 - عدد الرضعات التي يثبت بها التحريم، وغيرها [22، ص373].

أثر القراءات الشاذة في علوم اللغة العربية:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير