ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[23 May 2007, 12:34 ص]ـ
والثاني: كتاب القراءات
قد كان ابن جرير رحمه الله من علماء التجويد والقراءات، حسن الصوت في القراءة.
حفظ القرآن وله سبع سنين.
قال أبو بكر بن كامل: جئت إلى أبي جعفر قبل المغرب ومعي ابني أبو رفاعة وهو شديد العلة، فوجدت تحت مصلاه كتاب فردوس الحكمة لعلي بن زين الطبري سماعا له، فمددت يدي لأنظره، فأخذه ودفعه إلى الجارية وقال لي: هذا ابنك؟ قلت: نعم، قال: ما اسمه؟ قلت: عبد الغني، قال: أغناه الله وبأي شيء كنيته؟ قلت بأبي رفاعة. قال: رفعه الله، أفلك غيره؟ قلت: نعم، أصغر منه. قال: وما اسمه؟ قلت عبد الوهاب أبو يعلى، قال: أعلاه الله، لقد اخترت الكنى والأسماء، ثم قال لي: كم لهذا سنة؟ قلت: تسع سنين، قال: لِمَ لَمْ تسمعه مني شيئاً؟، قلت: كرهت صغره وقلة أدبه، فقال لي: حفظت القرآن ولي سبع سنين، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين، وكتبت الحديث وأنا ابن تسع سنين، ورأى لي أبي في النوم أنني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معي مخلاة مملوءة حجارة وأنا أرمي بين يديه، فقال له المعبر: إن كبر نصح في دينه وذب عن شريعته، فحرص أبي على معونتي على طلب العلم وأنا حينئذ صبي صغير أهـ.
وقد صدقت الرؤيا وصدق تعبيرها.
وقال أبو بكر بن كامل أيضاً: قال لنا أبو جعفر وصف لي قارئ بسوق يحيى فجئت إليه فتقدمت فقرأت عليه من أول القرآن حتى بلغت إلى قوله: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً)، فأعاد على فأعدته في كل قراءتي بين فيه الياءين، وهو يرد على إلى أن قلت له: تريد أكثر من تبيين الياءين بكسر الأولى فلم يدر ما أقول، فقمت ولم أعد إليه.
قال عبدالعزيز الطبري: وكان أبو جعفر مجوداً في القراءة موصوفاً بذلك يقصده القراء البعداء من الناس للصلاة خلفه يسمعون قراءته وتجويده أهـ.
قال ابن كامل: قال لنا ابو بكر بن مجاهد: ما سمعت في المحراب أقرأ من أبي جعفر، أو كلاماً هذا معناه أهـ
قال ابن كامل: وكان أبو جعفر يقرأ قديماً لحمزة قبل أن يختار قراءته.
قلت: قد بين الفرغاني السبب بذلك، وأنه تلقن أول ما تلقن على يد الطلحي أحد رواة خلاد.
فقال أبو عبد الله بن أحمد الفرغاني: قال لنا أبو جعفر: قرأت القرآن على سليمان بن عبد الرحمن بن حماد الطلحي، وكان الطلحي قد قرأ على خلاد، وخلاد قرأ علي سليم بن عيسى، وسليم قرأ على حمزة أهـ.
شيوخه في القراءة:
قال أبو عبد الله بن أحمد الفرغاني: قال لنا أبو جعفر: قرأت القرآن على سليمان بن عبد الرحمن بن حماد الطلحي، وكان الطلحي قد قرأ على خلاد، وخلاد قرأ علي سليم بن عيسى، وسليم قرأ على حمزة، ثم أخذها أبو جعفر عن يونس بن عبد الأعلى عن علي بن كيسة عن سليم عن حمزة.
قال: وكان عند أبي جعفر رواية ورش عن نافع عن يونس بن عبد الأعلى عنه.
وكان يقصد فيها فحرص - على ما بلغني - أبو بكر ابن مجاهد - مع موضعه في نفسه وعند أبي جعفر - أن يسمع منه هذه القراءة منفرداً فأبى إلا أن يسمعها مع الناس، فما أثر ذلك في نفس أبي بكر وكان ذلك كرهاً من أبي جعفر أن يخص أحداً بشيء من العلم، وكان في أخلاقه ذلك لأنه كان إذا قرأ عليه جماعة كتاباً ولم يحضره أحدهم لا يأذن لبعضهم أن يقرأ دون بعض، وإذا سأله إنسان في قراءة كتاب وغاب لم يقرئه حتى يحضر إلا كتاب الفتوى فإنه كان أي وقت سئل عن شيء منه أجاب فيه.
قال الجزري: أخذ القراءة عن سليمان بن عبد الرحمن بن حامد عن خلاد، وعن العباس بن الوليد بن مزيد ببيروت عن عبد الحميد بن بكار، وروى الحروف سماعاً عن العباس بن الوليد ويونس بن عبد الأعلى وأبي كريب محمد بن العلاء وأحمد بن يوسف التغلبي اهـ
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[23 May 2007, 12:36 ص]ـ
اسم كتابه في القراءات:
قد سماه عبدالله بن أحمد الفرغاني في إجازته لعلي بن عمران وإبراهيم بن محمد: كتاب القراءات وتنزيل القرآن (كذا وجد بخطه على مجلدة من تفسير ابن جرير وذلك في شعبان سنة ست وثلاثين وثلاثمائة).
ونقل عنه الذهبي في السير أن اسمه: القراءات والتنزيل والعدد.
وفيما نقل ياقوت عن عبدالعزيز بن محمد الطبري، أن اسمه: كتاب الفصل بين القراءة، (ولعله: القرأة، أي القراء).
¥