وقال أبو بكر بن كامل: قال لنا أبو بكر بن مجاهد: - وقد كان لا يجري ذكره إلا فضله يعني ابن جرير-: ما صنف في معنى كتابه مثله.
وأما الداني فقال: وصنف كتاباً حسناً في القراءات سماه الجامع أهـ.
منهجه في كتابه:
1 - الاقتداء بأبي عبيد:
وأبو عبيد إمام مشهور اقتدى به الأئمة فيما صنف من كتب، فمثلا نجد أن كتابه فضائل القرآن قد حذا حذوه واقتدى بنهجه ومنهجه الحافظ المستغفري في كتابه فضائل القرآن، وقد طبع مؤخرا ولله الحمد.
وهكذا كتابه في القراءات قد اقتدى به ابن جرير فجرى على نهجه، واقتدى بمسلكه.
قال ابن كامل: وكتابه في القراءات يشتمل على كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام، لأنه كان عنده عن أحمد بن يوسف التغلبي عنه، وعليه بنى كتابه أهـ
وهذا الاقتداء في المنهج ليس فيه على العالم غضاضة، فأهل العلم يستفيد آخرهم من أولهم، مع اعترافهم بفضيلة ألأول وسبقه.
إلا أنه أحيانا - مع الثقة بالمصنف السابق - قد لا يفطن المتأخر لخطأ وقع فيه الأول، فيتابعه دون تمحيص، وما أندر ما يقع ذلك للعلماء من أمثال ابن جرير، إلا أن الكمال مقصور في الكتب على كتاب الله سبحانه وتعالى.
فقال ابن كامل: قال لنا أبو بكر بن مجاهد وقد ذكر فضل كتابه في القراءات وقال: إلا أني وجدت فيه غلطاً وذكره لي، وعجبت من ذلك مع قراءته لحمزة وتجويده لها، ثم قال: والعلة في ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام لأنه بنى كتابه على كتاب أبي عبيد فأغفل أبو عبيد هذا الحرف فنقله أبو جعفر على ذلك.
والشيء بالشيء يذكر:
فقد وقفت على خطأ من هذا القبيل تابع فيه الإمامُ التقي ابن الصلاح في مقدمته الحاكمَ أبا عبدالله في معرفته.
فإن الحاكم قال معرفة علوم الحديث في النوع الثالث من المنقطع (53): حدثنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه قال حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال حدثنا محمد بن سهل قال حدثنا عبد الرازق قال: ذكر الثوري عن أبي إسحق عن زيد بن يُثيع عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن ولَّيْتموها أبا بكر فقوي أمين، لا تأخذه في الله لومة لائم، وإن وليتموها عليا فهادٍ مهديّ، يقيمكم على طريق مستقيم.
هكذا ذكره الحاكم، ثم نقله ابن الصلاح في المقدمة ص57 كما ذكره الحاكم، تابعه في وهمه، ولفظه الصحيح كما خرجه الحاكم نفسه في المستدرك: إن وليتموها أبا بكر فزاهد في الدنيا راغب في الآخرة، وفي جسمه ضعف، وإن وليتموها عمر فقوي أمين، لا يخاف في الله لومة لائم، وإن وليتموها عليا فهاد مهتد، يقيمكم على صراط مستقيم أهـ.
فانظر إلى الوهم وإلى صوابه.
2 - الاعتماد على المشهور من الأسانيد.
3 - تجنب الإجازات والمناولات في أخذ القراءات.
وقال أبو محمد عبد العزيز بن محمد الطبري: كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عرفه لجمعه من علوم الإسلام ما لم نعلمه اجتمع لأحد من هذه الأمة، ولا ظهر من كتب المصنفين، وانتشر من كتب المؤلفين ما انتشر له، وكان راجحاً في علوم القرآن والقراءات وعلم التاريخ من الرسل والخلفاء والملوك واختلاف الفقهاء مع الراوية، كذلك على ما في كتابه البسيط والتهذيب وأحكام القراءات من غير تعويل على المناولات والإجازات ولا على ما قيل في الأقوال، بل يذكر ذلك بالأسانيد المشهورة أهـ.
ولذلك كانت له نظرة في بعض الأسانيد، فهو يوردها ويعرضها على ميزان النقد، فما استقام له منها أقامه، وما لم يكن كذلك بيّن ما فيها باجتهاده، إن صوابا أو خطأ
وكلامه في إسناد قراءة ابن عامر مشهور، وقد ذكره السخاوي في جمال القراء وابن وهبان في أحاسن الأخبار ونقلته عنهما في جهود ابي عبيد ص227.
وللفائدة أنقله هنا باختصار:
قال: وقد زعم بعضهم أنَّ عبد الله بن عامر أخذ قراءته عن المغيرة بن أبي شِهاب المخزومي وعليه قرأ الْقُرْآن، وأنَّ المغيرة قرأ على عثمان رضي الله عنه.
¥