تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من الأمور التي لفت انتباهي إليها: التهافت على الإجازات القرءانية والسعي في الحصول عليها في أقرب وقت من غير الانشغال بالإتقان والدراية والتدرّج في ذلك. ظناً من البعض أنّها تضمن إتقان المجاز، وتطابق تلاوته بتلاوة مجيزه بل بتلاوة النبيّ عليه الصلاة والسلام، وأنّه بها يستغني عن الكتب والمصادر وبها يُفصل في المسائل الخلافية.

القضية الأولى:

الكثير يظنّ أنّ الإجازة تضمن إتقان المُجاز: وهذا خطأ إذ إتقان المجاز ينحصر قي رأي مجيزه فقط وقد لا يتعدّى إلى رأي غيره من المجيزين الماهرين، وهذا الذي جعلنا ننصدم برداءة تلاوة بعض المجازين. فالإجازة بمثابة الشهادة الجامعية التي لا تدلّ على إتقان ومهارة صاحبها في الميدان، ولن يصل صاحبها إلى تلك المرتبة إلى بالممارسة المهنية، والهمّة العالية وكثرة المطالعة ومصاحبة المتخصصين من أهل المهنة.

القضية الثانية:

الكثير يظنّ أنّ قراءة المجاز لا بدّ أن تتطابق مع قراءة المجيز، وهذا قد يستحيل وإن وجد فهو على ندرة وعزّة. فهل الذي قرأ على الكثير من المشايخ تتطابق تلاوته مع تلاوة جميع مشايخه في آن واحد مع اختلاف مستوياتهم العلمية وقدراتهم الأدائية؟ قد يكون التلميذ أتقن من أستاذه لا سيما إن قرأ على غيره من المتقنين الماهرين فأراد أن يُعليَ سنده مثلاً كما كان صنيع ابن الجزري وغيره. وقد يكون المجاز أقلّ إتقاناً من المجيز مع أنّه مستحق للإجازة، وقد يكون متقنا في البداية ولكن مع مرّ السنوات وكثرة حدره في التلاوة وانسلاخه من مجالس العلم والإقراء والمطالعة والمراجعة يجعله يخلّ ببعض الأحكام من إشباع الغنن وتمكين المدود وإتمام الحركات وتخليص الحروف من بعضها البعض وغير ذلك. وقد يتحسّن مستواه بسماعه للماهرين المتقنين وباطلاعه على الكتب المعتبرة فيزداد بصيرة وعلماً لأنّ الدراية تحرص وتصون المشافهة. وهذا ما يفسّر التفاوت بين المجازين عن الشيخ الواحد.

القضية الثالثة:

يظنّ البعض أنّ الإجازة تضمن تطابق التلاوة مع تلاوة النبيّ عليه الصلاة والسلام. هذه ظاهرة غريبة ولكن صدّقوني هناك من المشايخ من يعتقد ذلك. فقد رُويَ عن أحد المشايخ المعروفين في هذا الوقت أنّه صلّى وراء تلميذه صلاة التراويح، فلما انقضت الصلاة حلف الشيخ بأنّ قراءة تلميذه ذاك هي قراءة النبيّ عليه الصلاة والسلام، ورُوي عنه أنّه قال: من أراد أن يقرأ القرءان غضاً طرياً كما أنزل فليقرأه على فلان وسمّى ذلك التلميذ.

لا أريد التعليق على هذا الأمر وأكتفي بما يلي فأقول: لو كانت الإجازة ضامنة لذلك لانتفى الخلاف والنقد في كلّ ما أجيز به بالسند إلى النبيّ عليه الصلاة والسلام.

القضية الرابعة:

يظنّ البعض أنّ الإجازة تغني عن المطالعة والبحث في الكتب لأنّ القرءان لا يؤخذ إلاّ بالمشافهة والتلقّي فخلطوا بين التلقّي الذي به تُعرف الكيفية وبين النصوص والمصادر التي بها يُعرف ثبوت الرواية وصحتها كما كان صنيع المتقدّين المؤلّفين من أهل الأداء. ولا يدري هؤلاء – أي ما يظنّه البعض- أنّ الشاذ والضعيف أخذ كذلك بالمشافهة والإجازة ومازالت القراءات الشواذ الأربعة تؤخذ بالمشافهة مع الإجازة إلى الآن ولم يشفع لها ذلك كي ترتقي إلى درجة الصحّة.

القضية الخامسة:

يظنّ البعض أنّ بالمشافهة يُفصل في مسائل الخلاف وهذا مستحيل لأنّ الخلاف نفسه نشأ عن اختلاف التلقي والمشافهة والكلّ يدعّي الإصابة والحقّ على أساس الإجازة والإسناد.

أقول أخيراً: لعلّ هذه القضايا من الأسباب التي حملت الكثير على الاهتمام بالإجازة والزهد في التحقيق والبحث العلمي. ومن الأسباب أيضاً: أنّ المشتغلين بالبحث العلمي والتحقيق أكثرهم لا يتصدّرون للإقراء لضيق وقتهم خلافاً لغيرهم من المقلدين الذين هم الأكثر تصدّراً مما يزيد الطين بلّة.

ـ[الجكني]ــــــــ[17 Sep 2009, 08:02 م]ـ

فلما انقضت الصلاة حلف الشيخ بأنّ قراءة تلميذه ذاك هي قراءة النبيّ عليه الصلاة والسلام، ورُوي عنه أنّه قال: من أراد أن يقرأ القرءان غضاً طرياً كما أنزل فليقرأه على فلان وسمّى ذلك التلميذ.

أرى أن هذا حق هذا الشيخ أن يؤدب ويعزر لسوء أدبه مع النبي صلى الله عليه وسلم وتجرؤه القبيح هذا، وإعطاء تلميذه رتبة لم يعطها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من صحابته غير ابن مسعود رضي الله عنه.

وأما مسألة ما يترتب على حلفه وهل عليه الكفارة أم لا، فهي مسألة لعل الفقهاء من أهل المنتدى يبحثونها، حتى لا يكون هذا الشيخ وأمثاله مقتدىً للجهلة وطلبة الإجازات ممن ابتلي بهم أهل القراءات في هذا العصر.

فتح الله عليك أخي الشيخ محمد يحي شريف وبارك في جهودك وعلمك للدفاع عن كتاب الله تعالى وقراءاته من تلاعب المتلاعبين.

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[18 Sep 2009, 02:15 م]ـ

فتح الله عليكم شيخنا ورفعكم بالقرءان وجعلكم من السابقين بالخيرات ومن أهل الفردوس الأعلى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير