تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أشكر الأساتذة الفضلاء الذين كتبوا تعليقاتهم حول إجابتي على سؤال الأستاذ عبد الحكيم عن الطاء: رجاء، ود. أنمار، وعمار الخطيب، ود. عبد الله الهتاري، ود. يحيى الغوثاني، جزاهم الله تعالى خيراً، وأحسب أن عرض وجهات النظر المتباينة يؤدي إلى تمحيص الحقيقة وترجيح ما هو أقوى حجة وأظهر دليلاً، وإذا كان لكل واحد منا فهمه الخاص للمسألة، وقناعاته المبنية على ما أُتيح له من معلومات حولها، فإن ذلك لا يمنع من النظر في رأي الآخرين، ولعل المرء يجد فيه ما يجعله يتفهم وجهة النظر المقابلة إن لم يحمله ذلك على الأخذ بها، وقد تكون القضايا التي أثارها سؤال الأخ الأستاذ عبد الحكيم أوسع من أن يمكن استقصاؤها كلها في هذا المقام فإني سوف أعرض تعليقي على ما سطره الإخوة حول الموضوع في ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: الجانب الصوتي المتعلق بمخرج الطاء

من المفيد ذكر بعض الحقائق الصوتية المتعلقة بالطاء والأصوات الأخرى التي تشاركها في المخرج، والأصوات القريبة منها، وهي مجموعة أصوات طرف اللسان، لتحديد الأصوات التي يمكن أن تنطقها آلة النطق في هذا الموضع، ويمكن حصر تلك الأصوات في الجدول الآتي:

http://www.tafsir.net/images/jadwal.jpg

إن الجدول يحصر إمكانيات النطق لمخارج طرف اللسان، والملاحظ أن الحقلين الأول والثاني ينقص كل واحد منها صوت، أما الصوت الناقص في الحقل الأول فهو الظاء التي كالثاء، وهو من الأصوات غير المستحسنة التي ذكرها سيبويه، وأما الصوت الناقص من الحقل الثاني فهو الصاد التي كالزاي، أو هو مجهور الصاد، وهو من الأصوات المستحسنة التي تكثر في قراءة القرآن وكلام العرب، وهو الصوت المسموع في قراءة حمزة لكلمة (يُصْدِرَ الرعاءُ) ونحوها، أما الحقل الثالث فقد استوفى جميع الأصوات التي يمكن إنتاجها من هذا المخرج.

ومن ثم فإن موقع الطاء وصفاتها قد تحددت من خلال هذا الجدول، فهي لن تكون صوتاً خارج هذه المجموعة، فإن كانت مجهورة فهي حينئذ الضاد التي ينطقها مجيدو قراءة القرآن في زماننا، وإن كانت مهموسة فهي الطاء التي ننطقها في الفصحى والعامية، اللهم إلا في نطق بعض الفئات من الناس حين يخففون إطباقها فتقترب من التاء.

أما الضاد القديمة فهي حافِيَّةٌ عند سيبويه، تخرج من بين أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس، وهي شَجْرِيَّةٌ عند الخليل، وشَجْرُ الفم مفرجه أو وسطه، وهو تحديد قريب من تحديد سيبويه، أما الضاد التي ينطقها مجيدو القراءة اليوم فهي من مخرج الدال والتاء والطاء، كما صرح كثير من الدارسين، وهذه قضية قد تختلف فيها وجهات النظر كثيراً، ولكن على الدارسين من الفريقين أن يجدوا تفسيرأ لقول سيبويه: " ولولا الإطباق لكانت الطاء دالاً، والصاد سيناً، والظاء ذالاً، ولخرجت الضاد من الكلام، لأنه ليس شيء من موضعها غيرها"، ولا إشكال في هذا القول في ما يتعلق بالصاد والظاء، ولكن الإشكال واضح في ما يتعلق بالطاء والضاد، وهو ما يحتاج إلى تفسير، وهو موضع الخلاف بين الدارسين.

المسألة الثانية: دلالة المصطلحات

ليس هناك اختلاف يذكر في دلالة مصطلح الصوت الشديد (أو الانفجاري) والمنفتح، وكذلك مصطلح المطبق والمنفتح، بين القدماء والمحدثين، لكن هناك اختلاف في دلالة المجهور والمهموس، وهو اختلاف انعكس على تفسير بعض الظاهر الصوتية.

فالمتقدمون من علماء العربية والتجويد يأخذون بتعريف سيبويه للمجهور، وهو:" حرف أُشْبِعَ الاعتماد في موضعه، ومَنَعَ النفس أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد ويجري الصوت "، وأن المهموس:"حرف أُضعِفَ الاعتماد في موضعه حتى جرى النفس معه " (الكتاب 4/ 434).

والمُحْدَثُونَ يعرِّفون المجهور بأنه الصوت الذي يهتز الوتران الصوتيان عند النطق به، والمهموس هو الصوت الذي لا يهتز الوتران عند النطق به، أي أنهما يكونان متباعدين وساكنين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير