تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لي عظيم الشرف أن أتقدّم إلى فضيلتكم بهذه الأسطر اليسيرة وأريد بالمناسبة أن أبديَ رأياً في المسائل الثلاث التي طرحتموها، أسأل الله تعالى أن يحفظكم من كلّ مكروه وأن يوفقكم لما فيه الخير والصلاح:

أنّ حل مشكلة الطاء المهموسة تستلزم جمع النصوص الواردة في الباب وليس الاقتصار على كلام سيبويه رحمه الله تعلى حيث هناك تقارب معتبر بين الطاء والتاء لا يمكن إهماله وهذا مع كون الطاء مجهورة، وعلى هذا الأساس لا يمكن أن نقطع بصحة ما يقوله علماء الأصوات لدخول الاحتمال في المسألة وإثبات النطق الصحيح للحرف كما نزل به القرءان لا يمكن أن يثبت بالظنّ بل لا بدّ من اليقين والقطع. أما القول بأنّ الضاد الحديثة ما هي الطاء القديمة، فهو يعارض التقارب الوارد بين الطاء والتاء والذي تضمنه أقوال القدامى.

فالأولى في نظري الاعتماد على ما أجمع عليه القراء اليوم قاطبة في النطق بحرف الطاء لعدم ورود ما يقطع على بطلانه ولأنّ الطاء المنطوق بها اليوم هي تخرج من مخرجها الصحيح وهي مستعلية مطبقة شديدة ومجهورة ومقلقلة والمراد بالجهر هو انحباس النفس وذلك متحقق في الطاء المنطوق بها اليوم.

وأمّا ما يتعلّق بالمسألة الثانية الذي طرها شيخنا الفاضل وهو المراد الصحيح للهمس: نحن نعلم جميعاً أنّ سيبويه رحمه الله تعالى ذكر في معنى الهمس شيئين أساسيين وهما انحباس النفس، وقوّة الاعتماد على المخرج الذي سبب ذلك الانحباس، وهذا التعريف جاء نتيجة ما كان مسموعاً من فصحاء العرب ومن النطق الذي كان عليه قراء القرءان في ذلك الوقت. وعلى هذا التعريف سار علماء التجويد والنحو قاطبة وهذا التعريف الذي نعتمد عليه لأنّ أهل الأداء كلّهم اعتمدوا عليه.

ثمّ جاء علماء الأصوات وأثبتوا اهتزاز الوترين، ولا يمكننا إنكار ذلك لثبوته علمياً بالأجهزة، ولكنّي أقول: إنّ القدامى لم يعتمدوا على ما اكتشفه علماء الأصوات بل كان اعتمادهم على تعريف سيبويه فقط، فإن كان هذا الكتشاف يأتي بفوائد ومعلومات إضافية على ما قرّره القدامى واعتمدوا عليه في إقرائهم فهذا حسن. وإن كان هذا الكتشاف يؤدّي إلى إهمال ما اعتمد عليه الأئمّة قاطبة ولو كان ناقصاً في نظر علماء الأصوات، فهذا مخالف للمتابعة، فالعبرة فيما اعتُمد عليه بالنصّ الصريح ولو لم يكن دقيقاً بالنسبة لعلماء الأصوات. لأنّه ما لم يكن دقيقاً عند علماء الأصوات كان دقيقاً عند القدامى وعليه اعتمدوا، واعتمادهم عليه حجّة لا يمكن ردّها بأيّ حال. وعلى هذا الأساس نحن نعتمد على ما اعتمد عليه حفاظ القرءان وهو الانحباس النفس لقوّة الاعتماد على المخرج وهذا كلام صريح لا يحتمل التأويل.

وقد أخبر الله تعالى أنّ القرءان محفوظ والحفظ عام ومطلق يعمّ النطق والرسم والكتابة والضبط والتفسير ووووو. وإذا قلنا بوجود خلل في النطق بالقاف والطاء المنطوق بهما اليوم لاستلزم أنّ نطق الحروف للقرءان لم يحفظ، وكيف نفعل بقوله عليه الصلاة والسلام {لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ} ونحن نعلم أنّه لا خلاف الآن في كيفية النطق بحرف الطاء والقاف. وقد يقول البعض أنّه تجديد لما اندثر، الجواب نطق صحيح القرءان لا يندثر تماماً والتجديد لا يكون إلاّّ من أهل الصنعة.

أمّا ما يتعلّق بالمسألة الثالثة: نحن لسنا ضدّ ما يقوله علماء الأصوات بالعكس إلاّ أنّ الاعتماد على أقوالهم على حساب ما أجمع عليه القراء اليوم فيما لا يعارض جميع النصوص الصريحة الواردة في الباب خروج عن المتابعة في قراءة القرءان. فكلام سيبويه والداني ومكي القيسي والهمذاني وغيرهم يغنيني عن كلام إبراهيم أنيس وغيره.

أنّ المناهج تختلف، فعلماء الأصوات يعتمدون على الملموس ويقرّون بتغيّر الحروف في النطق مع مرّ الزمان بخلاف أهل الأداء فدأبهم الحفاظ على النطق الصحيح للقرءان يبتغون في ذلك ثواب الله ورضوانه وهذا هو السرّ الذي جعل علماء الأصوات يتحيّرون في النتائج التي وصل إليها أئمّتنا، فالعلم توفيق من الله تعالى لمن كان مخلصاً له الدين وهذا من حفظ الله تعالى لكتابه، فإن لم يحفظه بعباده المخلصين فأنّى يحفظه بغيرهم وهو على كلّ قدير.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري

ـ[أبو المنذر الجزائري]ــــــــ[17 Jun 2007, 05:40 م]ـ

أخي الفاضل محمد يحي شريف

قولكم: "وأمّا ما يتعلّق بالمسألة الثانية الذي طرها شيخنا الفاضل وهو المراد الصحيح للهمس: نحن نعلم جميعاً أنّ سيبويه رحمه الله تعالى ذكر في معنى الهمس شيئين أساسيين وهما انحباس النفس، وقوّة الاعتماد على المخرج الذي سبب ذلك الانحباس "، أراك أردت بهذا الكلام تعريف الجهر فسبقك القلم فخط الهمس، وفق الله الجميع للخير والصواب

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[17 Jun 2007, 06:06 م]ـ

نعم وهو كذلك أخي الكريم فقد سبق القلم فجزاك الله خيراً على التنبيه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير