نعم .. قراء القرآن هم المقياس المثالي لسلامة النطق الحرفي للفصحى، ولكن: ما لم يحيدوا عن الأصل الفصيح .. وللأسف فإن الخلاف في أصوات (القاف والطاء والجيم والضاد) منشؤه هو قراء القرآن الكريم الذين اعتمد عليهم علماء الأصوات، وعلى سبيل المثال: القراء المصريون بلا استثناء ينطقون القاف والطاء مهموستين وبعضهم لا يزال يحافظ على جهرهما في بعض المواطن ويخونه النطق أحيانا فيهمسهما أيضا. فماذا نقول حينئذ يا إخواني: هل الخطأ عند علماء الأصوات أم عند القراء؟!!
رابعا:- وباختصار: العلم هو ما أدى بنا إلى خشية الله، أيا ما كان نوعه وطبيعته، ولم يعرف قدماؤنا هذا التفريق الحديث بين العلوم الدينية والدنيوية.
أستاذي وشيخي عبد الحكيم عبد الرازق: سبق سؤالكم:
هل الاستطالة في الضاد استطالة صوت أم مخرج؟
استطالة المخرج غير استطالة الصوت، فالاستطالة الأولى تعني اتساع المخرج، والاستطالة الثانية تعني إمكانية مد الصوت على نحو ما في الأصوات الرخوة، فكل الأصوات الرخوة أصوات مستطيلة استطالة صوت، ولو كانت الاستطالة في الضاد مقصودا بها استطالة الصوت لما كان لتخصيصها بصفة الاستطالة داعٍ أو فائدة لأن كل الأصوات الرخوة أصوات مستطيلة، فالمقصود بالاستطالة فيها إذن هو استطالة المخرج.
شيء آخر بهذا الصدد .. وهو أن هناك فرقا بين الوصف العضوي لوضع اللسان وبين الأثر المترتب على هذا الوضع، فالفرق بين التفخيم والإطباق أن الإطباق هو الوصف العضوي للسان حيث يرتفع آخره جهة الطبق، أما التفخيم فهو الأثر الصوتي الناتج عن هذه العملية. وكذلك صفة صوت الشين: (التفشي) فهي وصف لوضع اللسان حين النطق بالصوت، أما الأثر الصوتي الناتج عن هذا التفشي فهو (الوشوشة).
وهذا مما أدى إلى بعض الخلط في مصطلحات القدامى، فقد سمّوا الصفة أحيانا تبعا لوضع اللسان وحركته كما في (التفشي)، وسمّوها أحيانا تبعا للأثر الصوتي كما في (الصفير)، وسمّوها أحيانا أخرى تبعا لوضع اللسان والأثر الصوتي معا كما في (التفخيم والإطباق). والخلط الذي أقصده هو ما وقع في صفة (الاستطالة) في الضاد فقد اختلفت الأفهام في تحديد المقصود بها: هل هي استطالة المخرج (أي الوصف العضوي للسان) أم هي استطالة الصوت (أي الأثر الناتج عن وضع اللسان في الفم)؟ والراجح عندي أن المقصود بالاستطالة هنا استطالة المخرج للسبب الذي بيّنته قبل.
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[07 Aug 2007, 01:28 م]ـ
السلام عليكم
أخي الشيخ أحمد عطية نحن لا نتكلّم عن المسائل التي لا يترتّب عليها تغيير في الصوت القرءاني، وما كان من قبيل اللفظ فلا إشكال فيه
أمّا كون الهمزة مثلا ليست مجهورة، وأن العين ليست متوسطة بين الشدة والرخاوة، وأن الأصوات الأسنانية (ث، ذ، ظ) ليست لثوية، وأن الكاف ليست لهوية، وأن الهاء ليست من أدنى الحلق، وأن الواو تخرج من الطبق - أي من ارتفاع آخر اللسان إلى الطبق - مع ضم الشفتين لا من الشفتين وحدهما. فلا شكّ أنّ الأجهزة الحديثة أدق بكثير إلاّ أنّ هذه الأجهزة ستبيّن بشكل دقيق هذه المخارج والصفات من غير أن يكون لذلك أثر في الصوت أو أن تعيد النظر فيما أجمع عليه القراء من الناحية العملية. ولا بدّ من وجود نفس الأرضية للمقارنة بين المنهجين، مثال ذلك إذا اعتمد علماء الأصوات على اهتزاز الوترين للحكم على الحرف بالبشدة أوالرخاوة أو ما بينهما فالأمر لا يستقيم في نظري لأنّ القدامى عالجوا المسألة بانحباس الصوت وجريانه فإن أثبت علماء الأصوات أنّ العين ليست بينية على هذا الأساس وأنّها تماثل الظاء والفاء في الرخاوة إن كانت كذلك أوتماثل الكاف والتاء في الشدة إن كانت كذلك، فتكون حينئذ قابلية من طرف علماء التجويد أن لم يؤدّي ذلك إلى تغيير الصوت. وإمّا أن أراد علماءالأصوات معالجة المسألة على طريقتهم خاصّة كاهتزاز الوترين وغير ذلك فلا أظنّ أن يكون هناك تقارب في ذلك لأنّ القدامى لم يعالجوا القضية إلاّ بالنحباس الصوت وجريانه. أظنّ أنّ كلامي واضح إن شاء الله تعالى.
وأشكرك على الفقرات التي نقلتها من بحثك فهو كلام صحيح ومفيد للغاية فيما بدا لي خاصة عند قولك: " علينا أن نرجح كِفَّة من وافق أداؤه كتبَ الأحكام والقراءات؛ فإنه إن كان نطق القُرَّاء يمثل ما ورد في كتب الأحكام، فإنها (كتب الأحكام) الضابطُ والمقوِّم لما اعوجَّ من نطق القُرَّاء وأدائهم".وهذا الذي أدندن حوله منذ سنوات عدّة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
محمد يحيى شريف الجزائري