أما التفسير الصوفي، فقد التزم أبو حيان بتجنب أقاويل الصوفية التي تحمل الألفاظ ما لا تحتمل، مع إلمامه بشيء من كلام الصوفية بما فيه بعض مناسبة لمدلول اللفظ (2)
2. موقفه من المسائل الفقهية: ينقل أبو حيان أقوال الفقهاء الأربعة وغيرهم عند تفسيره لآيات الأحكام، وفي ذلك يقول رحمه الله تعالى:" ناقلاً أقاويل الفقهاء الأربعة وغيرهم في الأحكام الشرعية مما فيه تعلق اللفظ القرءاني، محيلاً على الدلائل التي في كتب الفقه" (3)
غير أنه رحمه الله لا يكثر التوسع في المسائل الفقهية وإنما يحيل القارئ إلى مصادرها من كتب الفقه.
3. موقفه من الشعر العربي: يستدل بالكثير من الشعر العربي، إلا أنه يبتعد عن الشعر الركيك الضعيف ويقول في ذلك:" إذ كلام الله أفصح الكلام فلا يجوز فيه جميع ما يجوزه النحاة في شعر الشماخ والطرماخ وغيرهما من سلوك التقارير البعيدة والتراكيب القلقة والمجازات المعقدة" (1)
4. موقفه من الإسرائيليات: مع كونه عالماً بالإنجيل والتوراة، إلا أنه مقل في ذكر الإسرائيليات في تفسيره، وإن ذكر بعضها على سبيل الرد والتفنيد.
5. موقفه من أسباب النزول: يحرص على المجيء بأسباب النزول متى وجدت، ويقول في ذلك:" ثم أشرع في تفسير الآية ذاكراً سبب نزولها إذا كان لها سبب" (2)
6. موقفه من النسخ: من القائلين بالنسخ والمهتمين به، ويعتبر الناسخ والمنسوخ من أهم العلوم التي ينبغي للمفسر أن يحوز عليها.
7. موفقه من علم المناسبة: يهتم بها متى وجدت من غير تكلف، ويهتم بترابط الآيات ببعضها البعض.
الباب الثاني
ويضم التعريف بسورة يوسف وسبب نزولها و من ثم ذكر مواطن تعدد القراءات فيها
أولاً: التعريف بسورة يوسف
تروي لنا هذه السورة قصة نبي الله يوسف عليه السلام، ومحنته ومنحته، وهي مكية، وقال ابن عباس وقتادة إلا ثلاث آيات من أولها.
ثانياً: سبب نزولها:
قيل سبب نزولها أن الكفار أمرتهم اليهود أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السبب الذي أحل بني إسرائيل في مصر فنزلت السورة، وقيل سببه تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما كان يفعله به قومه، بما فعل أخوة يوسف به. (1)
ثالثاً: ذكر مواطن تعدد القراءات فيها:
تزخر سورة يوسف بهذه المواطن، غير أن ما سأورده سيقتصر بإذن الله تعالى على ما فيه فائدة تفسيرية، لمعنى جديد للفظة القراءنية، وذلك مراعاةً للموضوعية في عنوان البحث وغرضه.
*وأول ما يطالعنا من هذه المواطن عند استقرائها في سورة يوسف لفظتي "يرتع ويلعب " في الآية الثانية عشر من السورة، حيث نخلص إلى عدة قراءات بعدة معان:
• يرتع ويلعب قراءة الجمهور
• وقرأ أبو رجاء يرتع ويلعب بحذف المفعول أي يرتع هو المواشي (1)
• يُرتع ويُلعب قراءة زيد بن علي، بضم اليائين على أنهما للمجهول، وكأن أصله يرتع في غد ويلعب في غد ثم حذف (2)
• وقرأ النخعي نرتع ويلعب، أي بإسناد الرعي لهم لكبرهم واللعب ليوسف وحده لصباه (3)
• وقرأ آخرون نرتع ونلعب، بإسناد الفعل للجميع، وأختلف في معنى الرعي فقال مجاهد هي من المراعاة أي يراعي بعضنا بعضاً، وقال ابن زيد من رعي الأبل
• وقرأ البعض بسكون العين فالمعنى نعم في خصب وسعة.
ونلحظ جلياً في تعدد القراءات تعدد المعاني التفسيرية لهاتين اللفظتين.
* لفظة: "تذهبوا به " في الآية الثالثة عشر
• قرأ الجمهور تذهبوا به، أي أخوة يوسف فيحزن أبوهم لإبتعاد يوسف عنه فترة مكوثهم في المرتع والملعب
• وقرأ زيد بن علي تُذهبوا به بضم التاء وكسر الباء من أذهب رباعياُ (1) ً بمعنى تضيعوه وتفقدوه
* لفظة:" لتنبئنهم "في الآية الخامسة عشر
• قرأ الجمهور لتنبئنهم بتاء المخاطبة، والمخاطب هو يوسف عليه السلام (2)
• وقرأ ابن عمر بياء الغيبة لينبئنهم أي سيخبرهم يوسف بما فعلوه
• وقرأ سلام بنون المتكلم لننبئنهم بمعنى أن الله تعالى سينبئهم بما كانوا يفعلون.
* لفظة: "شغفها " في الآية الثلاثين
• قرأ الجمهور شغفها أي بلغ حبه شغاف قلبها
• وقرأ آخرون شعفها أي جنت به لأن الشعف الجنون (3)
* لفظة: " بشراً " في الآية الواحدة والثلاثين
• قرأ الجمهور بشراً بمعنى إنسان
• وقرأ الحسن وغيره بشري بمعنى بمملوك من الشراء (4)
* لفظة:" يسجننه " في الآية الخامسة والثلاثين
• قرأ الجمهور ليسجننه أي النساء
¥