تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

? (فَجَاهِدْ بِهِ حِبْلَ الْعِدَا)

الجهاد: من المجاهدة بالنفس، للأعداء، وصاحب القرآن في مجاهدة دائمة.

الحِبل: من الحبائل، حبائل الشيطان وهي المكائد.

? (مُتَحَبِّلاَ) أي متمسكا به، فإذا تمسكت به فإن مكائد الأعداء تزول، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: [تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وسنتي].

(6)

وَأَخْلِقْ بهِ إذْ لَيْسَ يَخْلُقُ جِدَّةً ... جَدِيداً مُوَاليهِ عَلَى الْجِدِّ مُقْبِلاَ

? (وَأَخْلِقْ بهِ) أخلق من صيغ التعجب: أي ما أجدره أن يكون خليقا لأنه صاحب القرآن.

وأخلق بالقرآن أي أَعْظِم به للجهاد والتمسك.

? (إذْ لَيْسَ يَخْلُقُ جِدَّةً) {يخلُق} أو {يخلَق} من الشيء الخَلِق أي البالي، وفتح اللام الأقرب إلى الصواب.

جِدَّة: أي دائما متجدد.

? (جَدِيداً مُوَاليهِ عَلَى الْجِدِّ مُقْبِلاَ) المقصود به أنه لا يَبِلى حال أن هذا القرآن الكريم سمي ورفيع المكانة وعالي المقام، وكل من والاه وصافاه فهو مستقرّ في نفس المنزلة.

مواليه: أي من يكون مواليا له.

مقبلا: مقبل عليه يعرف الخير الذي فيه، فصاحب القرآن يأخذه قراءة وعلوما وعملا وتطبيقا وخُلُقا، ويشير بذلك إلى قول الله تعالى:" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " [العنكبوت:69]، وكذلك قوله تعالى:" فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ " [الروم:60].

(7)

وَقَارِئُهُ الْمَرْضِيُّ قَرَّ مِثَالُهُ ... كاَلاتْرُجّ حَالَيْهِ مُرِيحًا وَمُوكِلاَ

? (وَقَارِئُهُ الْمَرْضِيُّ قَرَّ مِثَالُهُ) هذا القارىء للقرآن الكريم استقر مثاله فيما قاله النبي صلى الله عليه وسلم كالاترج.

? (كاَلاتْرُجّ) ولعله يشير بذلك إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: [مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الاترجة ريحها طيب وطعمها طيب ... ].

? (حَالَيْهِ مُرِيحًا وَمُوكِلاَ) فالاترجة بالحالتين لذيذة الطعم شهية المذاق، بالحالتين هي خيِّرة طيب المذاق والرائحة.

فحامل القرآن في داخله خير وفي ظاهره خير

(8)

هُوَ الْمُرْتَضَى أَمًّا إِذَا كَانَ أُمَّهً ... وَيَمَّمَهُ ظِلُّ الرَّزَانَةِ قَنْقَلاَ

? (هُوَ الْمُرْتَضَى) هي المحمودة السجايا.

? (أَمًّا إِذَا كَانَ أُمَّهً):

أمّا: بفتح الهمزة، القصد، أَمَّه يأمه أمّا، أي الذي يقصده الناس.

فحامل القرآن أمة لأنه جمع خصال الخير، ولهذا أثنى الله على نبيه إبراهيم عليه السلام:" إِِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " [النحل:120].

? (وَيَمَّمَهُ ظِلُّ الرَّزَانَةِ قَنْقَلاَ) هذا البيت من الصفات التي فيها الانعكاس، الإنسان يذهب إلى الرزانة والخير، ولكن قال بل العكس الرزانة والخير والرجاح هي التي أمَّمته وجاءت تطلبه وتخطبه.

الرزانة: هي رجاحة العقل وفصاحة الفكر.

القنقل: هو كثير الرمل والكبير، فكأن هذه الأشياء الخيرة هي التي تُقبِل عليه، فهذه دلالة على عظم صاحب وحامل القرآن.

(9)

هُوَ الْحُرُّ إِنْ كانَ الْحَرِيّ حَوَارِياً ... لَهُ بِتَحَرّيهِ إلَى أَنْ تَنَبَّلاَ

هنا المؤلف -رحمه الله- يريد أن يعطي صفة جديدة لحامل القرآن الكريم أنه حر، لم تستعبده الدنيا ولم تَسْتَرِقُّهُ الأهواء، وكأنه الخبر الذي يريد من خلاله الأمر كأنه يقول: أنت ينبغي أن تكون هكذا إذا أردت أن تكون من أهل القرآن الكريم، تتحرى الخير ودقائق هذا العلم وما فيه من كنوز عظيمة جدا مكنونة.

حواري: هو الصاحب المخلص، كما قال الله تعالى:" يََا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ " [الصف:14]، وهنا في الأصل مشددة وما خُففت إلا لضرورة الشعر.

له: للقرآن الكريم.

بتحريه: ومتابعة ما فيه من استخراج مكنونه.

إلى أن تنبلا: أي إلى أن يكون نبيلا أو إلى الموت، ولا حرج من أن يُراد بها كلا المعنيين، ولذلك صاحب القرآن في ازدياد مستمر من العلم والخير والرقي والأجر والثواب.

(10)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير