وكلمة " صغت " تدل على الدقة والحذق.
مَا سَاغَ عَذْباً مُسَلْسَلاَ: أي لما لمت المعاني هذه الألفاظ أخذتها فصغت من خلالها الألفاظ بغاية الروعة.
وكذلك يطمئن القارىء أن هذه القصيدة تكون سائغة لك وسلسة في النطق.
(68)
وَفي يُسْرِهَا التَّيْسِيرُ رُمْتُ اخْتَصَارَهُ ... فَأَجْنَتْ بِعَوْنِ اللهِ مِنْهُ مُؤَمَّلاَ
وَفي يُسْرِهَا التَّيْسِيرُ رُمْتُ اخْتَصَارَهُ: يشير هنا إلى أن هذه الشاطبية لخصت القراءات التي أوردها الإمام أبو عمرو الداني في كتابه " التيسير في القراءات السبع ".
رمت أي طلبت اختصار كتاب " التيسير " في هذه القصيدة.
فَأَجْنَتْ بِعَوْنِ اللهِ مِنْهُ مُؤَمَّلاَ: يقول الحمد لله قد جنيت الثمرة التي تأملتها من هذا الاختصار، وما كنت أتأمله من صنيع هذا قد جنيته، وكأنه يؤكد لنا أن المعاني الموجودة في " التيسير " هي موجودة بذاتها بل زادت.
(69)
وَأَلْفَافُهَاً زَادَتْ بِنَشْرِ فَوَائِدٍ ... فَلَفَّتْ حَيَاءً وَجْهَهَا أَنْ تُفَضَّلاَ
أي أنا ضمنت ما في " التيسير " من المعاني وزدت عليها.
~ تنبيه ~
" الشاطبية " و " التيسير " طريق، وهذا الطريق ملتزم من خلاله بوجوه وقواعد وضوابط غير موجودة في الطرق الأخرى، ولذلك اشتهرت هذه عند القراء بطريق الشاطبية وهي ذاتها مشتهرة بطريق التيسير، كل ذلك يدل على أنها واحدة.
وَأَلْفَافُهَاً زَادَتْ بِنَشْرِ فَوَائِدٍ: هذه الألفاف، والألفاف في الأصل الشجرة الملتف بكثافة أوراقه وخصوبته وغناه بالثمر.
وألفاف هذه القصيدة زادت عن التيسير بنشر بعض الفوائد التي لم تذكر في التيسير كبعض التنبيهات والتعليلات والحديث عن مخارج الحروف والصفات وغير ذلك.
كلمة فوائد: في الأصل ممنوعة من الصرف، صرفها ضرورة شعرية. فَلَفَّتْ حَيَاءً وَجْهَهَا أَنْ تُفَضَّلاَ: هذا اعتراف من الشيخ بالفضل لأهله، واعتراف بالتقصير أمام العالم النحرير، وقال هذا من باب أدب التلميذ مع الشيخ، وفيه من الصورة البلاغية، شبه هذه القصيدة بالفتاة ذات الحياء.
أن تفضلا يعني كأنه يقول أنا لا أفضل قصيدتي على كتاب " التيسير " فهي منه استقت المعاني، فالفرع يزكو بالأصل.
(70)
وَسَمَّيْتُهاَ "حِرْزَ الْأَمَانِي" تَيَمُّناً ... وَوَجْهَ التَّهانِي فَاهْنِهِ مُتَقبِّلاَ
هنا البيت يعطينا اسم هذه القصيدة " حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع ".
حِرْزَ: والحرز هو الشيء الذي إذا دخله الإنسان نجا من كل عدو.
تَيَمُّناً: كأنه يقول أرجو من الله أن من يأخذ هذه الشاطبية ومن تكون في صدره يكون مأمونا من كل خطر، محفوظا بحفظ الله سبحانه.
وَوَجْهَ التَّهانِي: كأنه يقول أهنىء من حملها، بل إن التهاني تمتد إليه من كل صوب بأن في صدره القراءات.
فَاهْنِهِ مُتَقبِّلاَ: هنيئا له حال كونه مقبلا على العلم، أو هنيئا لهذا العلم إن أقبل عليه الناس، فلذلك متقبلا (بكسر الباء أو فتحها) فهو خير العلوم.
(71)
وَنَادَيْتُ أللَّهُمَّ يَا خَيْرَ سَامِعٍ ... أَعِذْنِي مِنَ التَّسْمِيعِ قَوْلاً وَمَفْعَلاَ
وَنَادَيْتُ: أي بعد أن أكملت القصيدة وأتممت نظمها ناديت الله وناجيت ربي ودعوته:
أللَّهُمَّ يَا خَيْرَ سَامِعٍ: يا خير من يسمع دعاء المضطر إذا دعاه.
أَعِذْنِي مِنَ التَّسْمِيعِ قَوْلاً وَمَفْعَلاَ: أستجير وأعوذ بك من التسميع من أن يكون عملي هذا ليس خالصا لك، فهنا يسأل الله تعالى أن يصرف عنه التسميع في القول والعمل.
(72)
إِلَيكَ يَدِي مِنْكَ الْأَيَادِي تَمُدُّهَا ... أَجِرْنِي فَلاَ أَجْرِي بِجَوْرٍ قَأَخْطَلاَ
إِلَيكَ يَدِي: كأنه يقول يا ربي أنا أمد يدي مستجيرا بك ملتجأ إليك.
مِنْكَ الْأَيَادِي تَمُدُّهَا: أي منك نعمك معترفا أنا أمد يدي إليك مقرا بما لك علي من الأيادي والنعم العظيمة.
أَجِرْنِي فَلاَ أَجْرِي بِجَوْرٍ قَأَخْطَلاَ:
أجرني أي أسألك يا ربي أن تحفظني وتقيني العثرات.
فلا أجري بجور ولا أسير بظلم.
فأخطلا أي أقع في الخطل والخطل هو الخطأ والجور والظلم وما إلى ذلك.
(73)
أَمِينَ وَأَمْناً لِلأَمِينِ بِسِرِّهَا ... وَإنْ عَثَرَتْ فَهُوَ الْأَمُونُ تَحَمُّلاَ
أَمِينَ: كأنه يقول استجب لي، وهنا أمين بدون مد لضرورة الشعر.
¥