حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي. أخبرنا زكرياء بن عدي. قال: قال لي أبو إسحاق الفزاري: اكتب عن بقية ما روي عن المعروفين. ولا تكتب عنه ما روي عن غير المعروفين ولا تكتب عن إسماعيل بن عياش ما روي عن المعروفين، ولا عن غيرهم.
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. قال: سمعت بعض أصحاب عبدالله قال: قال ابن المبارك: نعم الرجل بقية. لولا أنه كان يكني الأسامي ويسمي الكنى. كان دهرا يحدثنا عن أبي سعيد الوحاظي. فنظرنا فإذا هو عبدالقدوس.
[ش (كان يكني الأسامي ويسمي الكنى) معناه أنه إذا روي عن إنسان معروف باسمه كناه ولم يسمه. وإذا روي عن معروف بكنيته سماه ولم يكنه. وهذا نوع من التدليس، وهو قبيح مذموم].
وحدثني أحمد بن يوسف الأزدي. قال سمعت عبدالرزاق يقول: ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله: كذاب إلا لعبدالقدوس. فإني سمعته يقول له: كذاب.
وحدثني عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي. قال: سمعت أبا نعيم. وذكر المعلى بن عرفان. فقال: قال: حدثنا أبو وائل قال: خرج علينا ابن مسعود بصفين. فقال أبو نعيم: أتراه بعث بعد الموت؟
[ش (أتراه) معناه أتظنه].
حدثني عمرو بن علي وحسن الحلواني، كلاهما عن عفان بن مسلم. قال: كنا عند إسماعيل بن علية. فحدث رجل عن رجل. فقلت إن هذا ليس بثبت. قال فقال الرجل: اغتبته. قال إسماعيل: ما اغتابه ولكنه حكم: أنه ليس بثبت.
وحدثنا أبو جعفر الدارمي. حدثنا بشر بن عمر. قال: سألت مالك بن أنس، عن محمد بن عبدالرحمن الذي يروي عن سعيد بن المسيب؟ فقال: ليس بثقة. وسألته عن صالح مولى التوأمة؟ فقال: ليس بثقة. وسألته عن أبي الحويرث؟ فقال: ليس بثقة. وسألته عن شعبة الذي روي عنه ابن أبي ذئب؟ فقال: ليس بثقة. وسألته عن حرام بن عثمان؟ فقال: ليس بثقة. وسألت مالكا عن هؤلاء الخمسة؟ فقال: ليسوا بثقة في حديثهم. وسألته عن رجل أخر نسيت اسمه؟ فقال: هل رأيته في كتبي؟ قلت: لا. قال: لو كان ثقة لرأيته في كتبي.
وحدثني الفضل بن سهل. قال حدثني يحيى بن معين. حدثنا حجاج. حدثنا ابن أبي ذئب عن شرحبيل بن سعد، وكان متهما.
وحدثني محمد بن عبدالله بن قهزاذ. قال: سمعت أبا إسحاق الطالقاني يقول:
سمعت ابن المبارك يقول: لو خيرت بين أن أدخل الجنة وبين أن ألقى عبدالله بن محرر، لاخترت أن ألقاه ثم أدخل الجنة. فلما رأيته، كانت بعرة أحب إلي منه.
وحدثني الفضل بن سهل. حدثنا وليد بن صالح. قال: قال عبدالله بن عمرو: قال زيد، يعني ابن أبي أنيسة: لا تأخذوا عن أخي.
حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي. قال: حدثني عبدالسلام الوابصي. قال: حدثني عبدالله بن جعفر الرقي، عن عبيدالله بن عمرو؛ قال: كان يحيى بن أبي أنيسة كذابا.
حدثني أحمد بن إبراهيم. قال: حدثني سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد؛ قال: ذكر فرقد عند أيوب. فقال: إن فرقدا ليس صاحب حديث.
وحدثني عبدالرحمن بن بشر العبدي. قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان، ذكر عنده محمد بن عبدالله بن عبيد بن عمير الليثي، فضعفه جدا. فقيل ليحيى: أضعف من يعقوب بن عطاء؟ قال: نعم. ثم قال: ما كنت أرى أن أحدا يروي عن محمد بن عبدالله بن عبيد بن عمير.
[ش (جدا) هو بكسر الجيم. وهو مصدر جد يجد جدا. ومعناه تضعيفا بليغا].
وحدثني بشر بن الحكم. قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان. ضعف حكيم بن جبير وعبدالأعلى. وضعف يحيى بن موسى بن دينار. قال: حديثه ريح. وضعف موسى بن دهقان، وعيسى بن أبي عيسى المدني. قال: وسمعت الحسن بن عيسى يقول: قال لي ابن المبارك: إذا قدمت على جرير فاكتب علمه كله إلا حديث ثلاثة. لا تكتب حديث عبيدة بن معتب. والسري بن إسماعيل. ومحمد بن سالم.
قال مسلم: وأشباه ما ذكرنا من كلام أهل العلم في متهمي رواة الحديث وإخبارهم عن معايبهم كثير. يطول الكتاب بذكره، على استقصائه. وفيما ذكرنا كفاية. لمن تفهم وعقل مذهب القوم. فيما قالوا من ذلك وبينوا.
وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث. وناقلي الأخبار. وأفتوا بذلك حين سئلوا، لما فيه من عظيم الخطر. إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل، أو تحريم، أو أمر، أو نهي، أو ترغيب، أو ترهيب. فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة. ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ولم يبين ما فيه لغيره، ممن جهل معرفته، كان أثما بفعله ذلك. غاشا لعوام المسلمين. إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار التي يستعملها، أو يستعمل بعضها. ولعلها أو أكثرها أكاذيب. لا أصل لها. مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات. وأهل القناعة أكثر من يضطر إلى نقل من ليس بثقة. ولا مقنع.
[ش (أهل القناعة) أي الذين يقنع بحديثهم لكمال حفظهم وإتقانهم وعدالتهم. (مقنع) مثل جعفر. أي يقنع به. ويستعمل بلفظ واحد مطلقا].
ولا أحسب كثيرا ممن يعرج من الناس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضعاف والأسانيد المجهولة، ويعتد بروايتها بعد معرفته بما فيها، من التوهن والضعف - إلا أن الذي يحمله على روايتها، والاعتداد بها، إرادة التكثر بذلك عند العوام، ولأن يقال: ما أكثر ما جمع فلان من الحديث، وألف من العدد.
اهـ من مقدمة صحيح مسلم بتعليقات محمد فؤاد عبدالباقي
وبعد فقد
كان لهذه الكلمة مجال حين كانت العلم شفاهيا، وقد فقدت مدلولها حين أصبح العلم كتابيا قبل ألف سنة، وهي اليوم لا معنى لها في العصر الرقمي.
أي أن هذا السؤال متأخر عن زمانه ألفا ومئتي سنة على الأقل
إن الكلمة التي تصلح شعارا ومنارا للعصر الكتابي والرقمي هي قول الخليل بن أحمد
اعمل بقولي وإن قصرت في عملي * ينفعك قولي ولا يضررك تقصيري
)
¥