أنكم أعددتم نشأًً لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها وأخرجتم المسلم من الإسلام وفي مؤتمر أدنبرج التبشيري الذي عقد عام 1910 قالت اللجنة الثالثة التي كانت تبحث في الأعمال المدرسية التي يقوم بها المبشرون: اتفقت آراء سفراء الدول الكبرى في عاصمة السلطنة العثمانية على أن معاهد التعليم الثانوي التي أسسها الأوربيون كان لها تأثير على حل المسألة الشرقية، يرجح على تاثير العمل المشترك الذي قامت به دول أوربا كلها .. (!!) [14].
17ـ وساعد على إنماء التعليم العلماني وعضد قواه .. تلك البعثات التي كانت ولا تزال ترسل إلى الدول المسيحية الأوربية .. التي تصنع هذه البرامج الكفيلة بزحزحة عقيدة الطالب المسلم وإفساده ليعود إلى بلاده بغير دين .. ويحمل علم العلمانية الداعية إلى نبذ الدين! [15].
ونظرة من القديم إلى ما حدث لرفاعة رافع الطهطاوي بعد أن قضى في باريس خمس سنوات .. ونظرة من الحديث إلى شبابنا الذين نبتعثهم إلى دول الكفر في سن المراهقة أو قريبا منها .. فيصيبهم الانحلال في أخلاقهم والتشويش في عقائدهم وأفكارهم، والتعالي والاستكبار في سلوكهم ومعاملاتهم وتقديس كل ما هو غربي، والاستهزاء بكل ما هو شرقي أو عربي .. [16].
ومع البعثات .. كانت مدارس .. وكليات .. وجامعات .. تفتح في بلاد الإسلام لتنفيذ نفس ما تنفذه البعثات .. داخل الأوطان نفسها [17] وشملت تلك المدارس والكليات والجامعات .. البنين والبنات.
الخطو الثالثة: الاختلاط بين الجنسين
18ـ أدرك أعداء الإسلام ما يؤدي إليه اختلاط الجنسين في سن الشباب وما قبلها في سن المراهقة .. من انحلال الجنسين .. وانشغالهما بأمور العشق والجنس عن أمور العلم والجد والدراسة .. ورسموا لذلك في الشرق الإسلامي وزينوه.
ورفعوا عنه اسم الفسق أو العشق أو الغرام [18].
2ـ علمانية الإعلام
عندما تكون الدولة دولة فكر Etat d’idee تزداد فيها أهمية الإعلام وإذا كانت الدولة الإسلامية هي الصورة المثلى لدولة الفكر والعقيدة .. فقد كان للإعلام فيها شأن كبير .. وكانت معجزة الإسلام ـ القرآن ـ هي قمة الإعلام الإسلامي {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِد .. } [19]. {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ .. } [20].
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً .. } [21].
من هنا كان خلو الإعلام من الجانب الإسلامي .. أمر خطير في ذاته فإذا انصرف الإعلام عن الإسلام .. ليغرس في نفوس الناس قيماً غير إسلامية ومثلاً إلحادية أو إباحية أو لا أخلاقية .. فإن الأمر يغدو جد خطير.
19ـ والذين يتولون كبر هذا الأمر .. متخرجون من مدارس غير إسلامية يعرفها الناس ولم يعد سراً أن أكثر المؤسسات الصحفية ـ أقدم وسائل الإعلام ـ أسسها غير المسلمين اسماً وجوهراً .. أو المسلمون اسماً لا وضوعاً.
والقائمون على أحدث وسائل الإعلام .. من سينما وتلفزيون وإذاعة هم أحد الصنفين السابقين .. والأمر لا يحتاج غير مراجعة القوائم!
20ـ ولئن تفاوتت درجات الإفساد بين الوسائل المختلفة السابقة فإنها جميعاً تشترك في قدر من الإفساد ..
إنها أولاً لا تنشر قيماً إسلامية .. مع أنها أغنى القيم وأسماها. وإنها ثانياً تنشر جميعاً قيماً غير إسلامية .. وتبلغ بها التفاهة منتهاها عندما تستطرد في تقديم نجم سينما أو نجم كرة .. وتضفي عليه من الأوصاف ما لا تضفيه على سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام .. ثم إنها بعد ذلك تتفاوت في إشاعة الفاحشة، والإغراء بالجريمة وفي تزيين الخيانة والانحلال للناس! .. فأشدها في ذلك السينما يليه التلفزيون و الإذاعة يليها القصص والصحافة.
والأمثلة .. معروضة .. كل يوم .. وفي كل شارع .. وفي كل بيت بغير حاجة إلى سرد أو ضرب!
21ـ كذلك تشترك الأوطان الإسلامية جميعاً .. في وجود وسائل الفساد والإفساد هذه في بلادنا .. لكنها تتفاوت على درجات!
يقول البعض .. لربما كان الفساد في بلاد لا تجاهر به أشد من بلاد تجاهر به ولقد يضربون على ذلك الأمثلة بانتشار الشذوذ الجنسي بين الرجال والنساء، وبشيوع الربا وشرب الخمر والزنا وراء جدران البيوت.
¥