تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عمارة الدنيا مرادة إلى أقصى الحدود، ولكن على أن لا يؤدي ذلك إلى الفساد في الأرض، كما يجب مراعاة أن الإنسان مؤتمن وليس مالكاً حقيقياً، وأنه رضي بحمل الأمانة، وكل ما يؤدي إلى الإخلال بحفظ الأمانة " الكون والطبيعة والإنسان ورسالته فيهما " فإنه انقلاب إلى دنيوية عضوض أي علمانية.

الإنسان مُستَخلَف في الأرض، وهذا يعني أنه لا يملك أن يضع لنفسه منهجاً في الحياة باستقلالية كاملة، لأن المنهج وضعه المالك الحقيقي، والسيد الحقيقي في هذا الوجود، أما وظيفته هو فإنها تنحصر في أن يفهم المنهج بشكل صحيح وينزله على حياته كما أراد واضعه عز وجل. والفهم غير الوضع والإنشاء وإن كان الخطاب العلماني سينازع في هذا كما سنرى.

إن أي إنسان عاقل عندما يشتري جهازاً من شركة ما يقرأ النشرة المرفقة معه والتي تُبيِّن كيفية استعماله، وقراءة هذه النشرة توفر عليه جهداً ووقتاً يبذله في محاولته تشغيل الجهاز دون استعانة بالصانع. إن جهده المستقل قد ينتهي بالوصول إلى معرفة تشغيل الجهاز ولكن بعد جهد ووقت من التجريب والمحاولة، ولكنه قد ينتهي أيضاً بإتلاف الجهاز وإعطابه.

إن كل ممارسات الإنسان في هذا الكون لكي تبرأ من " الدنيوية العلمانية " يجب عليها أن تكون قائمة على مبدأ العبودية لله عز وجل، والرغبة فيما عنده من الخير والسعادة، ومنافية لمبدأي الكبرياء الزائف، والعقلانية المتهورة القائمين على الاعتداد الأعمى بالذات والمنفعة العاجلة، واللذة الزائلة، والنظرة القاصرة على هذه الحياة الدنيا.

إن الاحتراز الوحيد الذي نضعه هنا لعله يجنبنا كثيراً من الانتقادات والإلزامات التي قد ترد علينا إزاء هذا التعريف هو أن العلمانية " الدنيوية " التي نقصدها تزيد وتنقص، وتهبط وتصعد، وأننا عندما نتحدث عن العلمانية التي تقارن الإلحاد والزندقة فإننا نقصد العلمانية في أعلى درجاتها. إن هذا يعني أن بعض الباحثين الحريصين على إسلامهم وإيمانهم ولكن تصدر منهم بعض الأفكار التي تخدم التوجه الدنيوي العلماني، وتتحرك في داخل أسواره لا يمكن أن يوصفوا بأنهم علمانيين، وإن كان يصح أن نصف أفكارهم المنحرفة بأنها أفكار علمانية. والله أعلم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

والحمد لله رب العالمين

ـ[فهد الناصر]ــــــــ[30 Sep 2007, 06:42 م]ـ

بارك الله فيكم يا دكتور أحمد على هذا الموضوع الممتع.

لدي سؤال أريد معرفة رأيكم فيه: ما رأيك في ما ذهب إليه الدكتور عبدالوهاب المسيري في تقسيمه للعلمانية إلى جزئية وشاملة؟ وما تقويمك للكتاب ولمنهج الكاتب المسيري؟ ولو فصلت لنا الجواب هنا أو في موضوع مستقل أو أحلتني إلى مرجع أوسع إن كان وقتك يضيق عن التفصيل فلك جزيل الشكر مقدماً فكتاباتك تعجبني وأستفيد منها.

ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[30 Sep 2007, 09:36 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم فهد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فالكاتب المسيري رجل بحاثة في تخصصه ولا إشكال في تقسيمته فالعلمانية تزيد وتنقص لأنها مقابل للإيمان فكلما زاد الإيمان نقصت العلمانية وكلما نقص الإيمان زادت العلمانية وقد يحمل الإنسان أفكاراً علمانية ولا يكون علمانياً .... كما أن الإنسان قد يعصي الله عز وجل ولا يكون كافراً والكفر كلمة تشمل المعنى الكامل للكفر وإن كانت المعاصي بريد الكفر ولكنها ليست كفراً ...

فالعلماني هو من يتبنى العلمانية كمعتقد ويتخذها كسلوك في جوهرياتها الأساسية

هذا على مستوى الفكرة بحد ذاتها ولكن على مستوى الإطار والشمول فهي فعلاً قد تكون جزئية تتناول الإطار السياسي فقط وهي علمانية سياسية أو تتناول الجانب التشريعي القانوني كما الحال في بعض الدول العربية والإسلامية وذلك بتبني القوانين الغربية في الأحوال الشخصية وغيرها وكما يطالب بعض العلمانيين العرب بإلغاء الحدود وغير ذلك ويظلون يعلنون انتماءهم واعتقادهم بالإسلام كدين لهم

أما العلمانية الشاملة فهي التي تلغي المقدسات نهائياً وتنظر للوجود من منظار مادي بحت فتدنس المقدس وتقدس المدنس ولا تفرق بين أصول وعقائد أو غير ذلك ..

- هناك كتاب مهم في التنظير للعلمانية هو: مداخلات فلسفية في الإسلام والعلمانية لكاتب ماليزي اسمه سيد محمد نقيب العطاس.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير