وفي إطار كلام البابا عن علاقة العقل بالإيمان ـ فى المسيحية والإسلام ـ قال: "إن القول الفصل فى النقاش حول التحول العقائدي باستخدام العنف، هو أن عدم التصرف وفقا للعقل هو أمر مناهض لطبيعة الرب .. ولكن بالنسبة للتعاليم الإسلامية فإن الرب مطلق السمو، فمشيئته لا تتماشي مع أي من خصائصنا بما فيها العقلانية .. ولقد ذهب ابن حزم إلى حد الإقرار بأن الرب الله لا يلتزم حتى بكلمته الخاصة، وإنه ما من شيء يلزمه بكشف الحقيقة لنا .. ففيما يتعلق بإرادة الله، فإنه ينبغي علينا التعبد بشكل وثني أعمي"!!.
...
كانت تلك هي أبرز نقاط المغالطات والافتراءات التي وردت عن الإسلام فى محاضرة بابا الفاتيكان .. والتي إن أثارت الغضب فى جماهير الأمة الإسلامية فإنها تستوجب النظر العلمي الموضوعي والهادئ والصبور فى الحوار مع "أستاذ الفلسفة"، عظيم الفاتيكان.
وإذا كانت مجلة "نيوزويك " ـالأمريكية ـ قد استنكرت ما جاء بمحاضرة البابا عن الإسلام .. وجعلت عنوان غلافها ـ عدد 26 - 9 - 2006 م ـ: "بنديكتوس السادس عشر .. ماذا دهاه؟! " .. ثم وصفت طريقته ـ فى هذا التناول للإسلام ـ بأنها " طريقة خرقاء"! فإننا نختلف معها فى هذا التوصيف .. فالأمر ليس مجرد "حماقة " .. وإنما هو موقف له تاريخ طويل من العداء للإسلام! .. إنه فصل جديد ـ ولن يكون الأخيرـ فى فصول العداء للإسلام، والافتراء على مقدساته ورموزه وأمته وحضارته .. يأتي بعد عام من أحداث الرسوم الدانماركية، التي أساءت إلى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم .. وممن؟ من عظيم الفاتيكان .. وليس من صحفي دانماركي نشر رسومه فى 30 سبتمبر 2005 م ..
ـ لقد تحدث البابا ـ بنديكتوس السادس عشرـ فى هذه المحاضرة .. فأساء إلى إله المسلمين ورب العالمين، عندما ادعى أن المشيئة الإلهية ـ فى الإيمان الإسلامي ـ متسامية ومطلقة، لا تتقيد بالعقل ولا بالمنطق .. الأمر الذي يجعل الإيمان الإسلامي ـ برأي البابا ـ إيمانا وثنيا أعمى!! ..
وعندما أراد الحديث عن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم اختارـ واختيار المرء قطعة من عقله ـ عبارات الإمبراطور البيزنطي " مانويل الثاني" [1391 - 1425 م] التي تفتري على رسول الإسلام، فتزعم أنه لم يأت إلا بما هو شرير وسييء ولا إنساني .. ومن ذلك أمره نشر دينه بالسيف!!:
وانطلاقا من ذلك قارن البابا بين مسيحيته وبين الإسلام .. فادعى عقلانية المسيحية ولا عقلانية الإسلام!.
كما اتهم الإسلام بالتأسيس للعنف والإرهاب، واتهم المسلمين بهما .. وخلط بين الجهاد الإسلامي والحرب الدينية المقدسة، التي عرفتها ومارستها الكنيسة الكاثوليكية الغربية ..
نقلا عن
http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=39275
ـ[أبو أحمد عبدالمقصود]ــــــــ[08 Oct 2007, 11:21 م]ـ
رغم الدهشة والغضب اللذين يشعر بهما، لا المسلمون وحدهم، بل والمنصفون من غير المسلمين، الذين عرفوا الإسلام .. بل وحتى المحايدون الذين يفترضون ضرورة الأدب والكياسة فى الحديث عن الديانات .. رغم كل ذلك، فإن الموضوعية يجب أن تكون المعيار الأول فى الرد على هذه الإساءات والمغالطات.
إن الغضب لله ولرسوله ولدينه أمر مشروع .. بل ومطلوب .. لكن الإسلام يعلمنا أن يمين الغاضب لا تنعقد، وأن قضاء الغاضب لا يجوز؟ لأن الغضب قطعة من الجنون .. ومن ثم فإن العقلانية والموضوعية هي التي يجب أن تحكم الرد على هذه الإساءات .. وتحكم الحوار مع عظيم الفاتيكان.
ـ وفى البداية .. ولتبديد الاستغراب والاندهاش اللذين أصابا الكثيرين من هذا الذي صنعه الحبر الأعظم للكاثوليكية، المتربع على عرش بابوية الفاتيكان .. أقول: إنه لا غرابة فى حدوث هذا الأمر الغريب؟!.
فهذا الرجل ـ الذي تولى البابوية في إبريل 2005م قد شغل ـ فى الفاتيكان ـ لأكثر من ربع قرن ـ من 1981 م حتى 2005م ـ منصب المسئول الأول عن "النقاء العقائدي"، أي قيادة "الأصولية الأرثوذكسية الكاثوليكية" التي تقسم العالم إلى مؤمنين كاثوليك حقيقيين وإلى من يعتنقون "بعض عناصر الإيمان " .. أي أنه ـ بالمعنى الشائع فى الشرق ـ كان يتولى زعامة ومسئولية "التكفيريين" فى الإطار الكاثوليكي! .. الأمر الذي يرسم صورته وصورة مواقفه ضد الآخرين من غير الكاثوليك! .. ويرسم صورة مؤسسته فى هذه المرحلة من التاريخ.
¥