تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ وهو من هذا المنطلق "الأصولي ـ التكفيري" عدو لدود للعلمانية، التي جعلت أكبر البلاد الكاثوليكية فى أوروبا ـ فرنسا ـ لا يذهب فيها إلى القداس سوى 5 % من السكان الكاثوليك! .. أي أن تعداد الكاثوليك الفرنسيين ـ بمقاييس هذا البابا ـ هم أقل من تعداد المسلمين الفرنسيين! ..

وهذا المنصب الذي تولاه لأكثر من ربع قرن قبل توليه البابوية ـ منصب "المفتش الأكبر" رئيس مجمع عقيدة الإيمان ـ هو فى الكنيسة الكاثوليكية ـ الامتداد المعاصر "لمحاكم التفتيش"، التي احترفت ـ فى العصور الوسطي الأوروبية ـ التفتيش عن العقائد، وممارسة الحرق والخنق والإغراق ضد العلماء والمفكرين والفلاسفة والمخالفين .. وضد المسلمين بعد إسقاط غرناطة واقتلاع الإسلام من الأندلس 1492 م .. والتي مارست إعدام هؤلاء المخالفين على "الخازوق المقدس " لمدة ثلاثة قرون! .. والتي بلغ ضحاياها عدة ملايين.

بل إن اختيار هذا الرجل ـ واسمه قبل البابوية "جوزيف راتزينجر" ـ لاسمه البابوي ـ بنديكتوس السادس عشرـ له ـ كما أسلفنا ـ معنى وثيق الصلة بهذا التوجه "الأصولي ـ التكفيري" فى الموقف من الآخرين .. فالبابا بنديكتوس الرابع عشر (1740 ـ 1758م) ـ فى القرن الثامن عشرـ كان عدوا للعقلانية ولمنهج الشك اللذين قامت عليهما حركة التنوير الأوروبية .. وقبل ذلك ـ فى القرن السادس ـ كان القديس البابا بنديكت الخامس [480ـ 547م] هو مؤسس الأديرة والرهبانية التي ساعدت على بقاء الحضارة المسيحية فى أوروبا .. وهو واضع دستور الرهبانية المتبع حتى الان فى الحضارة الغربية.

فحتى الاسم ـ بنديكتوس ـ الذي اختاره هذا البابا له توجهات أصولية ـ بالمعنى الغربي ـ وله دلالات .. وله تاريخ! ..

ـ وفيما يتعلق بما جاء من الإساءات للإسلام ـ فى محاضرته بجامعة "ريجنسبورج " فى مدينة "رايتسبون " الألمانية ـ فى 12 سبتمبر 2006م، فإن هذا لم يكن ـ كما أسلفنا ـ بداية إساءاته إلى الإسلام ..

ـ فالرجل له تاريخ فى "الخوف والتخويف " من الإسلام ـ ذلك الذي أصبح اتجاها فى الغرب يسمونه "الإسلام فوبيا Islam phobia" ـ ففي حوار بينه وبين السياسي الإيطالي البارز "مارسيلو بيرا" ـ نشر فى كتاب عنوانه: [بلا جذور: الغرب، النسبية، الإسلام والمسيحية] يعلن هذا البابا أنه تسيطر عليه مخاوف ثلاثة:

أولها: الانقراض السكاني للأوروبيين المسيحيين بسبب العلمنة التي أشاعت الأنانية وتفكك الأسرة، فانخفضت الخصوبة والمواليد ـ أحيانا إلى أقل من 1% ـ "ذلك أن معدلات المواليد فى غالبية الدول الأوروبية تراجعت، الشيء الذي أثر على استمرار التوازن السكاني .. وجعل عدة شعوب أوروبية، خصوصا الألمان والإيطاليين والأسبانيين، ربما لا تعود موجودة قبل نهاية القرن الحالي" أو فى أحسن الأحوال والتكهنات تصبح ـ هذه الشعوب ـ أقليات داخل دولها.

وثاني هذه المخاوف البابوية هو: "أن المكان الذي تتركه الأجيال الأوروبية الجديدة شاغرا يملؤه المهاجرون المسلمون، خصوصا من إفريقيا والعالم العربي .. الأمر الذي يفتح الباب لاحتمال أن تصبح أوروبا مستقبلاً جزءاً من دار الإسلام "!! ..

وثالث هذه المخاوف البابوية هو: "تراجع المسيحية من الفضاء الأوربي" .. فبسبب العلمانية" أصحبت مسيحية غالبية الأوروبيين تقتصر على انتماء الأسرة التقليدي للمسيحية"، أي مسيحيون بحكم النسب والتاريخ!! الأمر الذي أدى ـ برأي البابا ـ إلى "افتقار أوروبا إلى القدرة والرغبة والشجاعة الأخلاقية فى القتال من أجل أي شيء، حتى حريتها"!!.

هكذا ينظر البابا بنديكتوس السادس عشر إلى الإسلام، فيراه الوارث لمسيحيته وكنيسته .. الذي سيجعل أوروبا ـ وهى قلب العالم المسيحي ـ قبل نهاية هذا القرن "جزءا من دار الإسلام "، كما سبق وجعل الشرق ـ الذي كان قلب العالم المسيحي ـ قلبا لعالم الإسلام!! ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير