تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

البقرة: 209]، (هُوَ الَذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ويُزَكِّيهِمْ ويُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ والْحِكْمَةَ) [الجمعة: 24]، (وأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ والْحِكْمَةَ) [النساء: 113]، (واذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ والْحِكْمَةِ) [الأحزاب: 33]، (ومَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) [البقرة: 269].

ولقد ورد فى القرآن الكريم وصف الذات الإلهية بالحكيم فى مائة آية من آيات هذا القرآن .. كما وردت فيه الآيات التي تتحدث عن العقل والتعقل فى 49 آية .. وعن القلب، كأداة للتعقل، فى 132 آية .. وعن الفقه، بمعنى الوعي العقلي، في 20 آية .. وعن الحكمة فى 19 آية .. وعن التفكر في 18 آية .. وعن اللب، بمعنى العقل والجوهر الإنساني، فى 16 آية .. وعن الاعتبار، بمعنى التعقل، فى 7 آيات .. وعن التدبر في 4 آيات .. وعن النهى، بمعنى التعقل، في آيتين.

أي أن القرآن الكريم ـ الذي هو معجزة عقلية تستنفر العقل للتعقل، ولا تدهشه كالمعجزات المادية فتشله عن العمل ـ قد جاء فيه الحديث عن العقل والحكمة فيما يقرب من ثلاثمائة آية .. وذلك فضلا عن مائة آية ورد فيها ـ بالنص ـ وصف "الحكيم" كواحد من أسماء الله الحسنى.

بل لقد جعل القرآن الكريم تنكب العقلانية والتعقل السبيل إلى جهنم والعياذ بالله (وقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)) [الملك:10،11].

ـ ثم .. ألم يسمع عظيم الفاتيكان أن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم قد قال: "العقل أصل ديني" ..

وقال: "عليكم بالقرآن، فإنه فهم العقل، ونور الحكمة، وينابيع العلم، وأحدث الكتب بالرحمن عهدا " (رواه الدارمى).

وألم يقرأ لابن رشد [520ـ 595 هـ / 1126 ـ 1198 م]ـ الذي أخرجت عقلانيته الإسلامية أوروبا من خرافات اللاهوت الكنسي ـ كيف جعل "دليل العناية والرعاية " ـ وهو قمة الحكمة والعقلانية ـ دليلا على وجود الله سبحانه وتعالى؟ .. وكيف أعلن أن "الحكمة " هي الأخت الرضيعة "لشريعة الإسلام "؟.

وألم يسمع ـ عظيم الفاتيكان ـ عن المعتزلة والتيار العقلاني في الفكر الإسلامي والفلسفة الإسلامية، الذين تجاوزا ما اتفق عليه غيرهم من المسلمين من أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ لا يجوز عليه ولا يليق به ـ لفرط الحكمة المطلقة في مشيئته وفعله ـ إلا فعل الصلاح والأصلح .. تجاوز المعتزة ذلك، فأوجبوه على الله!! ..

ولقد استندوا في ذلك إلى فهمهم للقرآن الكريم، الذي جاء فيه أن الله ـ سبحانه وتعالي ـ قد (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [الأنعام: 12].

* وألم يقرأ ـ عظيم الفاتيكان ـ ما كتبه حجة الإسلام أبو حامد الغزالي [450 ـ 505 هـ / 1058 ـ 1111 م]ـ وهو أستاذ للعديد من الفلاسفة والقديسين المسيحيين ـ عن العلاقة العضوية بين العقلانية وبين الشرع والقرآن في الإسلام .. وكيف شبه العقل بنور البصر، والشرع بنور الشمس وضيائها .. ومن ثم حكم بأنه لا قيمة لأي منهما إذا انقطع عن الآخر .. وقال:

"إنه لا معاندة بين الشرع المنقول والحق المعقول .. فمثال العقل: البصر السليم من الآفات والآذاء، ومثال القرآن: الشمس المنتشرة الضياء .. والمستغني بأحدهما عن الآخر إنما يكون في غمار الأغبياء .. فالمعرض عن العقل، مكتفيا بنور القرآن، مثاله: المتعرض لنور الشمس مغمضًا للأجفان، فلا فرق بينه وبين العميان! فالعقل مع الشرع نور على نور .. وأنّى يستتب الرشاد لمن يقتنع بتقليد الأثر والخبر، وينكر البحث والنظر؟.

أولا يعلم أنه لا مستند للشرع إلا قول سيد البشر صلى الله عليه وسلم، وبرهان العقل هو الذي عرف به صدقه فيما أخبر؟ .. إن العقل أولى باسم النور من العين، بل بينهما من التفاوت ما يصح أن يقال معه إنه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير