تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ألم يقرأ عظيم الفاتيكان ـ وأستاذ الفلسفة ـ شيئا من هذا الذي كتبه فيلسوف الشرق جمال الدين الأفغاني .. عن تفرد الإسلام ـ دون غيره من الأديان ـ بالعقلانية .. وشهادة خصومه له بهذا التفرد؟! ..

وهل يجوز لمثله ـ عن يتصدى للحديث عن موقف الإيمان الإسلامي من العقل والعقلانية ـ أن يجهل هذه "المقالات " الشهيرة ـ حتى في اللغات الغربية ـ عن

العقلانية الإسلامية؟! ..

ثم .. ألم يسمح بابا الفاتيكان عن الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده [1266 – 1323 هـ /1848 – 1905 م]ـ وهو الذي وضعت حول فكره وإبداعاته العديد من الرسائل الجامعية التي كتبها لاهوتيون غربيون .. والذي راسل وحاور العديد من فلاسفة الغرب ومفكريه .. من "تولستوى" [1828ـ 1910م] إلى سبنسر [1820 – 1903م] إلى هانوتو [1853ـ 1944م] .. وغيرهم .. وهو الذي صاغ العقلانية الإسلامية المتفردة مقالا نفيسَا، قارن فيه بين عقلانية الإسلام ولا عقلانية عقيدة بابا الفاتكان!! ..

ألم يسمع البابا بديكتوس السادس عشر بما كتبه محمد عبده عن:

"أن الإنسان: كون عقلي، سلطان وجوده العقل، فإن صلح السلطان ونفذ حكمه، صلح ذلك الكون وتم أمره .. والعقل من أجلّ القوي، بل هو قوة القوي الإنسانية وعمادها، والكون صحيفته التي ينظر فيها، وكتابه الذي يتلوه، وكل ما يقرأ فيه فهو هداية إلى الله وسبيل للوصول إليه ..

والعقل هو جوهر إنسانية الإنسان، وهو أفضل القوى الإنسانية على الحقيقة ..

ولقد تآخى العقل و الدين ـ[في الإسلام]ـ لأول مرة فى كتاب مقدس على لسان نبي مرسل، بتصريح لا يقبل التأويل، وتقرر بين المسلمين كافة ـ إلا من لا ثقة بعقله ولا بدينه ـ أن من قضايا الدين ما لا يمكن الاعتقاد به إلا من طريق العقل، كالعلم بوجود الله، وبقدرته على إرسال الرسل، وعلمه بما يوحى إليهم، وإرادته لاختصاصهم برسالته، وما يتبع ذلك وما يتوقف عليه فهم معني الرسالة، كالتصديق بالرسالة نفسها ..

كما أجمعوا على أن الدين إن جاء بشيء، قد يعلو على الفهم، فلا يمكن أن يأتي بما

يستحيل عند العقل ..

وأول أساس وضع عليه الإسلام: هو النظر العقلي، والنظر عنده هو وسيلة الإيمان

الصحيح، فقد أقامك منه على سبيل الحجة، وقاضاك إلى العقل، ومن قاضاك إلى حاكم فقد أذعن إلى سلطته، فكيف يمكنه بعد ذلك أن يجور أو يثور عليه؟

بلغ هذا الأصل بالمسلمين أن قال قائلون من أهل السنة: إن الذي يستقصي جهده في الوصول إلى الحق، ثم لم يصل إليه، ومات طالبا غير واقف عند الظن، فهو ناج.

فأي سعة لا ينظر إليها الحرج أكمل من هذه السعة؟

ولقد اتفق أهل الملة الإسلامية ـ إلا قليلاََ ممن لا ينظر إليه ـ على أنه إذا تعارض العقل

والنقل أخذ بما دل عليه العقل، وبقى فى النقل طريقان: طريق التسليم بصحة المنقول،

مع الاعتراف بالعجز عن فهمه، وتفويض الأمر إلى الله فى علمه. والطريق الثانية:

تأويل النقل، مع المحافظة على قوانين اللغة، حتى يتفق معناه مع ما أثبته العقل.

وإنه لا يقين مع التحرج من النظر، وإنما يكون اليقين بإطلاق النظر في الأكوان،

طولها وعرضها، حتى يصل إلى الغاية التي يطلبها بدون تقييد.

فإنه يخاطب ـ فى كتابه ـ الفكر والعقل والعلم بدون قيد ولا حد. والوقوف عند

حد فهم العبارة مضر بنا، ومناف لما كتبه أسلافا من جواهر المعقولات .. والقرآن قد دعا الناس إلى النظر فيه بعقولهم، فهو معجزة عرضت على العقل، وعرفته القاضي فيها، وأطلقت له حق النظر في أنحائها، ونشر ما انطوى في أثنائها .. فالإسلام لا

يعتمد على شئ سوى الدليل العقلي، والفكر الإنساني الذي يجري على نظامه الفطري، فلا يدهشك بخارق للعادة، ولا يعشى بصرك بأطوار غير معتادة، ولا يخرس لسانك بقارعة سماوية، ولا يقطع حركة فكرك بصيحة إلهية ..

والمرء لا يكون مؤمنا إلا إذا عقل دينه وعرفه بنفسه حتى اقتنع به. فمن ربّيَ على التسليم بغير عقل، والعمل ـ ولو صالحا ـ بغير فقه فهو غير مؤمن، لأنه ليس القصد من الإيمان أن يذلل الإنسان للخير كما يذلل الحيوان، بل القصد منه أن يرتقي عقله

وتتزكى نفسه بالعلم بالله والعرفان في دينه، فيعمل الخير؛ لأنه يفقه أنه الخير النافع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير