تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كيف جهلت ـ يا عظيم الفاتيكان ـ ما كتبه العلماء الأعلام الغربيون الذين جمعوا بين فقه الإسلام وفقه النصرانية .. ومنهم العلامة سير توماس أرنولد [1864 - 1930م] عملاق الثقافة الإنجليزية .. الذي أورد فى كتابه الفذ [الدعوة إلى الإسلام] شهادات العلماء والفلاسفة واللاهوتيين والمستشرقين الغربيين على عقلانية الإسلام .. وعلى امتلاء المسيحية بالأسرار والألغاز التي يستحيل فهمها حتى على أهل الاختصاص.

لقد قال العلامة سير توماس أرنولد: (ولا يستطيع أي فرد أن يوضح الطابع العقلي للعقيدة الإسلامية، وما جنته من هذا الطابع من الفائدة فى نشر الدعوة، توضيحا يبعث على الإعجاب، بأكثر مما وضحه البروفسور "إدوارد مونتيه" [1856 – 1927م] فى العبارات التالية: " الإسلام فى جوهره دين عقلي بأوسع معاني هذه الكلمة من الوجهتين الاشتقاقية والتاريخية، فإن تعريف الأسلوب العقلي Rationalism بأنه طريقة تقييم العقائد الدينية على أسس من المبادئ المستمدة من العقل والمنطق، ينطبق على الإسلام تمام الانطباق .. إن لدين محمد كل العلامات التي تدل على أنه مجموعة من العقائد قامت على أساس المنطق والعقل .. إن الإيمان باالله والآخرة ـ فى الإسلام ـ يستقران في نفس المتدين على أساس ثابت من العقل والمنطق، ويلخصان كل تعاليم العقيدة التي جاء بها القرآن. وإن بساطة هذه التعاليم ووضوحها لهى على وجه التحقيق من أظهر القوى الفعالة في الدين وفي نشاط الدعوة إلى الإسلام.

لقد حفظ القرآن منزلته من غير أن يطرأ عليه تغيير أو تبديل، باعتباره النقطة الأساسية التي بدأت منها تعاليم هذه العقيدة، وقد جهر القرآن دائما بمبدأ الوحدانية في عظمة وجلال وصفاء لا يعتريه التحول. ومن العسير أن نجد فى غير الإسلام ما يفوق تلك المزايا .. وفي هذا تكمن الأسباب الكثيرة التي تفسر لنا نجاح جهود الدعاة المسلمين.

وكان من المتوقع لعقيدة محددة كل التحديد خالية كل الخلو من جميع التعقيدات الفلسفية ـ ثم هي تبعا لذلك في متناول إدراك الشخص العادي- أن تمتلك ـ وإنها لتمتلك فعلا ـ قوة عجيبة لاكتساب طريقها إلى ضمائر الناس").

* وغير شهادة هذا العالم الفرنسي "مونتيه " ـ الخبير بالقرآن والإسلام والخبير بالكاثوليكية ـ يورد العلامة سير توماس أرنولد شهادة اللاهوتي الإيطالي "الأب مراتشى" [1612 – 1700 م]، وهو الذي نشر القرآن متنا وترجمه بالإيطالية .. كما أسهم فى ترجمة العهدين القديم والجديد .. . يورد "أرنولد" شهادة "مراتشي " على عقلانية الإسلام، والتى يقول فيها: "لو قارن إنسان بين أسرار الحالة الطبيعية البسيطة التي فاقت طاقة الذكاء البشري، أو التي هي على الأقل من الصعوبة بمكان، إن لم تكن مستحيلة [العقيدة المسيحية] وبين عقيدة القرآن، لانصرف عن الأولي في الحال، وأسرع إلى الثانية في ترحيب وقبول .. ".

* وغير هاتين الشهادتين الغربيتين على تميز الإسلام وامتيازه في العقلانية ـ بل وتفرده بها، وخاصة إذا ما قورن بالنصرانية ـ يورد العلامة سير توماس أرنولد شهادات غربية على أن هذه العقلانية هي السر في هذا الانتشار الذي شهدته هذه العقيدة الإسلامية .. يورد شهادة الأمير والمستشرق الإيطالي "كايتاني ـ ليون" Caetani [ 1869 ـ 1926م]ـ وهو الخبير في الإسلام والدراسات الإسلامية .. وصاحب الإنجازات المتميزة في تحقيق التراث الإسلامي ـ التي يقول فيها: " إن انتشار الإسلام بين نصارى الكنائس الشرقية إنما كان نتيجة شعور باستياء من السفسطة المذهبية التي جلبتها الروح الهلينية إلى اللاهوت المسيحي.

أما الشرق الذي عرف بحبه للأفكار الواضحة البسيطة، فقد كانت الثقافة الهلينية وبالاَ عليه من الوجهة الدينية؛ لأنها أحالت تعاليم المسيح البسيطة السامية إلى عقيدة محفوفة بمذاهب عويصة، مليئة بالشكوك والشبهات، فأدي ذلك إلى خلق شعور من اليأس، بل زعزع أصول العقيدة الدينية ذاتها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير