تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لو رجع إلى المصحف لعلم أن القائل ليس محمدًا بل عيسي عليهما الصلاة والسلام، وأنه قالها لبني إسرائيل في زمانه لا لأحزاب النصارى في عصر النبوة: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) ... إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) ... وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63)} [الزخرف/57 - 63].

><

5 - الفاشلون أيضًا يستحقون ملخصًا!

قال القس: القرآن العربى هو ملخص سهل أو خلاصة كافية للتذكير بالتوراة والإنجيل. وقد أعطيت هذه الخلاصة للعرب - دون سواهم من أهل العلم - قصْدَ التخفيف عليهم: «ذلك تخفيف من ربكم ورحمة» (البقرة 178). والمقصود هو هذا التخفيف: «يريد الله أن يخفف عنكم» (النساء 28)، «الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا» (الأنفال 66)، لأن العلم الكثير لمن لا يتمكن منه يؤدى إلى القنوط. اهـ.

قلت: شريعة القرآن تخفيف من الله بلا شك، لكن هذا تخفيف أحكام، والقس لا يقصده، بل يقصد تخفيف طريقة عرض الأحكام مع ثبوت الأحكام ذاتها.

أ - بعدما قرر القس أن القرآن خلاصة سهلة للتوراة والإنجيل قال: وقد أعطيت هذه الخلاصة للعرب ... قَصْدَ التخفيف عليهم: «ذلك تخفيف من ربكم ورحمة» (البقرة 178). اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن {ذلك} لا تعود على القرآن، بل على الجواز المذكور قبلها في نفس الآية، وهو جواز أخذ الدية بدلاً من القصاص: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} [البقرة/178]

ب - قال القس: وقد أعطيت هذه الخلاصة [القرآن] للعرب - دون سواهم من أهل العلم - قصْدَ التخفيف عليهم ... والمقصود هو هذا التخفيف: «يريد الله أن يخفف عنكم» (النساء 28) ... لأن العلم الكثير لمن لا يتمكن منه يؤدى إلى القنوط. اهـ.

لو رجع إلى المصحف لعلم أن الآية لا تدل على ما ادعاه بل هى تناقضه صراحة، فإن إرادة التخفيف المذكورة ليست في طريقة عرض أحكام التوراة والإنجيل بالتلخيص كما زعم الجاهل، بل هى في نفس أحكام وتشريعات الملك الجبار عز وجل، لا سيما التشريعات المذكورة في نفس السياق، وعلى الخصوص: التشريع الخاص بإباحة نكاح الفتيات المؤمنات المملوكات للعاجزين عن نكاح الحرائر، قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ... (25) ... يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) [النساء/25 - 28].

والآية تناقض مقصوده من وجه آخر، فإنه لمز العرب بأنهم دون غيرهم لا يطيقون «العلم الكثير» الموجود في التوراة والإنجيل، فكان لا بد من التخفيف عليهم بالتلخيص، يريد المتهوك دعوى آبائه القدماء الجهلاء بأن محمدًا - صلوات ربي وسلامه عليه - نبي للعرب فقط، فالآية تناقض ذلك صراحة، لأنها تعلل إرادة التخفيف في الأحكام بأن الإنسان - كل الإنسان - خلق ضعيفًا، فهذه «إنسانية» رسالة القرآن وعالميته منصوص عليها صراحة، الأمر الذي ينقض ما تهوك به القس من أساسه.

جـ - قال القس: وقد أعطيت هذه الخلاصة [القرآن] للعرب ... قصْدَ التخفيف عليهم: ... والمقصود هو هذا التخفيف: ... «الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا» (الأنفال 66). اهـ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير