وكذلك آية النمل - ومرت بك أيضًا - لا تصف مضطهدي دعوة النبي عليه الصلاة والسلام بالأعزة، لأنها لا تتحدث عن عصره أصلاً، بل عن قصة ملكة سبأ مع سليمان عليه السلام: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) ... قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) [النمل/29 - 34].
وكذلك آية المنافقون لا تصف مضطهدي دعوة النبي عليه الصلاة والسلام بالأعزة، بل لا تتحدث عن الفترة المكية أصلاً، وإنما الوصف وارد على لسان المنافقين يمدحون أنفسهم به، ولا علاقة له بمعنى الترف هنا: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) ... يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)} [المنافقون/1 - 8].
كل هذه جهالات فاحشة من القس أوقعه فيها كسله وسفالة همته عن مراجعة المصحف الشريف.
د - قال القس: فى حين أن طبقة الأثرياء «المترفين» ... المسمين بـ «الملأ» ... الأعلى وبـ «الأعزة» ... اضطهدوه ... قالوا له: «أنؤمن بك واتبعك الأرذلون؟» (الشعراء/111)، أو «وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا» (هود/27). اهـ.
لو رجع إلى المصحف لعلم أن آية الشعراء - ومرت بك - لا تذكر قول أهل مكة، بل لا تتحدث عن عصر النبوة أصلاً: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) ... قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111)} [الشعراء/105 - 111].
وكذلك آية هود - ومرت بك - لا تذكر قول أهل مكة لنبينا عليه الصلاة والسلام، ولا تتحدث عن ذلك العصر أصلاً: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) ... فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود/25 - 27].
><
ومن طريف هذا المقام، أن بعضهم تعقب القس في كتابه، فرد عليه القس في كتاب آخر (المسيحية في ميزان المسلمين)، وكان من كلام القس له موبخًا ومقرعًا: "لكأن صاحبنا نسي أن النبي لم يقم في بدء رسالته إلا بثورة عارمة على الملأ الأعلى ... ". فتفهم من ذلك أن القس ما زال مصرًا على أن الملأ الأعلى هم مترفو قريش لا غيرهم.
فكم بالحري يحق لـ (إسكندر شديد) أن يقول: «أبونا قزي مصنع للفرح المتواصل»!
><
7 - كل أمة لها نسختها المتميزة من البايبل
قال القس: ومن المعروف أنه كان فى زمن القس والنبى كتب عديدة، وكان لكل شيعة من شيع بنى إسرائيل كتاب، ولكل قرية أو أمة كتاب، وكل يدعو إلى كتابه. ويشهد القرآن العربى على تعدد الكتب وتوزعها بين أيدى أصحابها بقوله: "وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب" (الحجر 4)، و"كل أمة تدعى إلى كتابها" (الجاثية 28) ... وشهد كل من القس والنبى على كتابهما بأنه يجمع ما فى الكتب السابقة، بل يستنسخانها: "وهذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون" (الجاثية 29). اهـ.
أ - قال القس: كان فى زمن القس والنبى كتب عديدة، وكان لكل شيعة من شيع بنى إسرائيل كتاب ... ويشهد القرآن العربى على تعدد الكتب وتوزعها بين أيدى أصحابها بقوله: "وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب" (الحجر 4). اهـ.
¥