تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قد قالها من قبل (إسكندر شديد): «أبونا قزي مصنع للفرح المتواصل»!

><

وبعد ..

رأينا القس يسيطر عليه هاجس تحزب النصارى وتفرقهم، حتى أنه لا يعرف (أحزابًا) إلا أحزاب النصارى، كما رأينا كيف حول (أصحاب الأعراف) إلى آلهة تعرف كل غيب، وكيف حول فجأة مترفي مكة الكافرين إلى (الملأ الأعلى) السماويين، ورأينا كيف شهد القس بكثرة نسخ البايبل المختلفة حتى كان لكل أمة نسختها المتميزة عن الأخرى، ورأينا اليهود يبرئون مريم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقرأ القرآن المكتوب بنفسه، والقرآن يحث على الغم عند ولادة الأنثى ... الخ!

وضمن هذه الهراءات رأينا القس ينسب العبارات التي قالها هارون وعيسى وإبراهيم عليهم السلام وحتى فرعون إلى محمد صلوات ربي وسلامه عليه، وعبارات سليمان عليه السلام أصبحت على لسان النصارى، وكلام قوم نوح عليه السلام على لسان كفار قريش ... الخ!

وهذا طرف قصير أطلعنا القارئ عليه، وفي كتاب القس ما هو أكثر وأفدح.

><

وبخلاف الغرضين الذين نبهنا إليهما في المقدمة، استفدنا أمورًا أخرى في هذه العجالة:

منها: طريقة القسيسين في فهم النصوص، فالفاعل يصير مفعولاً، والمفعول فاعلاً، والماضي مستقبلاً، والمستقبل ماضيًا، والآمر مأمورًا، والمأمور آمرًا ... الخ. وهذا مفيد لمن يتعجب من عقول أقوام عبدوا البشر العاجز، فيستطيع الآن بسهولة أن يتصور كيف فهموا قول المسيح لهم (أنا إنسان) على أنه يقول (أنا إله)!

ومنها: ثقة القسيسين الشديدة في غفلة قرائهم المقلدين، فالقس في الفقرة الواحدة يأتي بطامات كثيرة يستطيع القارئ بسهولة كشف زيفها بمجرد مراجعة المصحف، وبالرغم من ذلك لم يرتدع القس، ليقينه بأن قارئه لن يزيد نشاطًا عنه قيد أنملة!

ومنها: جواز تحريف الكتب المقدسة عند النصارى، فإن علماءهم - بعد التدليس - هم بهذا الكسل الذي رأينا، وعوامهم يبزونهم فيه، ألا ترى أنهم يتناقلون كتاب القس بلا مشاحة، ويبرزونه في وجه المسلمين ناسخين لاصقين بلا أدنى غضاضة، ولم يفكر واحدهم في التثبت ولو مرة واحدة من نص واحد استشهد به القس الكسول؟! .. فإذا كان هذا حال القوم وعلمائهم من الغفلة والخمول، جاز بشدة دخول التحريفات عليهم وهم نائمون! .. وهذا مجرد إثبات للجواز والإمكان لتقريب تصوير ذلك من عقل من يستشكل القول بالتحريف، وإلا فإثبات وقوع التحريف بيقين له أدلته المتوافرة - بفضل الله - في مقام آخر.

ومنها: فهم وتصور ما ثبت إجماع الموافقين والمخالفين عليه، من تشويه رجال الدين في الغرب لصورة الإسلام ونبيه في العصور السالفة، حينما كانوا يخبرون عوام النصارى عن أصنام يعبدها المسلمون داخل الكعبة فاقت الثلاثمائة أكبرها صنم محمد (صلى الله عليه وسلم)! .. فإذا استغرب البعض رواج هذه الخزعبلات على النصارى ودخولها عليهم، فله في مقالنا هذا عبرة تزيل عجبه، فإننا في عصر أُطلق عليه (ثورة الاتصالات)، ونسخ القرآن الإلكترونية على شبكة الإنترنت لا حصر لها، والبحث في ألفاظه سهل يستطيعه الذكي والغبي، وبالرغم من كل ذلك راج على النصارى جهالات القس وخزعبلاته، فمن باب أولى أن يروج عليهم كلام آبائه القساوسة في عصور أطلق عليها (عصور الظلام)!

><

وأنبه على أني لم أرصد إلا طرفًا قصيرًا من كسل القس، وأما كذبه وتدليسه فقد أعرضت عنه، فله مقامه الآخر، ومثاله السريع قول القس: والصلاة بحسب أوقاتها المحددة هى نفسها فى النصرانية والإسلام: ثلاث مرات فى اليوم ... وحدد القرآن بقوله: «يا أيها الذين آمنوا ... ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء ... » (النور 58). اهـ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير