تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عظمته وألوهيته؟ "، إذ من معانى كلمة "سَمِىّ": "النظير والمثل" كما فى المعاجم، فكان ينبغى على مترجمى القرآن أن يتنبهوا إلى هذا فيما يخص المولى سبحانه.

وقد ألفيت لفرط سرورى، حين رجعت الآن إلى الطبرى شيخ المفسرين، أنه لم يذكر فى تفسير هذه الآية إلا المعنى الذى آثرتُه، فحمدت الله على هذا التوافق. قال رضى الله عنه: "قوله: "فاعْبُدْه"، يقول: فالزم طاعته، وذِلّ لأمره ونهيه."وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ"، يقول: واصبر نفسك على النفوذ لأمره ونهيه والعمل بطاعته تَفُزْ برضاه عنك، فإنه الإله الذي لا مِثْل له ولا عِدْل ولا شبيه في جوده وكرمه وفضله."هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا"، يقول: هل تعلم يا محمد لربك هذا الذي أمرناك بعبادته والصبر على طاعته مثلا في كرمه وجوده، فتعبده رجاء فضله وطوله دونه؟ كلا، ما ذلك بموجود. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية عن عليّ عن ابن عباس، قوله: "هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا"، يقول: هل تعلم للربّ مِثْلا أو شبيهًا؟ حدثني سعيد بن عثمان التنوخي، قال: ثنا إبراهيم بن مهدي عن عباد بن عوّام عن شعبة عن الحسن بن عمارة عن رجل عن ابن عباس في قوله: "هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا"، قال: شبيها. حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال: ثنا أبي عن أبيه عن جدّه عن الأعمش عن مجاهد في هذه الآية: "هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا"، قال: هل تعلم له شبيها؟ هل تعلم له مِثْلا تبارك وتعالى؟ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة، قوله: "هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا"، لا سميّ لله ولا عِدْل له، كلُّ خَلْقِه يقرّ له ويعترف أنه خالقه، ويعرف ذلك، ثم يقرأ هذه الآية: "وَلَئِنْ سألْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ". حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج عن ابن جريج في قوله: "هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا"، قال: يقول: لا شريك له ولا مِثْل".

وبالمثل كنت أحب لو أن مترجمنا ترجم كلمة "عِزًّا" فى قوله تعالى: "واتخذوا من دونه آلهة ليكونوا لهم عِزًّا" بما يفيد أنهم كانوا يبتغون عند آلهتهم القوة والعون ( puissance) كما فعل عدد من المترجمين الآخرين، بدلا من لجوئه إلى كلمة " fierté"، التى تدل على الفخر والإباء، ولا أظنه المقصود هنا. والآيات القرآنية المتعلقة بهذا الموضوع تدل على ما أقول، فهى تتحدث عن النصر الذى يرجوه المشركون من آلهتهم: "فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192/ الأعراف) "، "وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197/ الأعراف) "، "وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93/ الشعراء) "، " وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75/ يس) ". وفى ترجمة جروسجان " un soutien"، أى تدعمهم وتقويهم، على حين نجد فى مجمع الملك فهد: " qu’ils leur soient des protecteurs (contre le châtiment) : أى ليحموهم من عقاب الله".

* * *

هذا عن الترجمة فى ذاتها، لكن هناك أمورا أخرى تتعلق بالترجمة لا تقلّ، إن لم تزد، فى الأهمية عنها، وهى التعليقات والتوضيحات والمقارنات والملاحظات والانتقادات التى يوردها المترجم فى الهامش: من ذلك مثلا إشارته عند قوله تعالى: "وناداها من تحتها ألا تحزنى. قد جعل ربك تحتك سَرِيًّا" إلى الفقرتين الأخيرتين فى النص التالى من سفر "التكوين": "14فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَأَخَذَ خُبْزًا وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ، وَاضِعًا إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا، وَالْوَلَدَ، وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ. 15وَلَمَّا فَرَغَ الْمَاءُ مِنَ الْقِرْبَةِ طَرَحَتِ الْوَلَدَ تَحْتَ إِحْدَى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير