تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا تعقيب كتبته على المداخلة السابقة ولم يُتح لي أن أقوله على الملأ بسبب كثرة عدد المعقبين قلت: إن القراءة البوزيدية قراءة تستبطن خلفية فلسفية مختلفة، فالذي يحركه لقراءة القرآن الكريم ليس هو أدوات فهم النص رغم أن له كتاباً بعنوان: مفهوم النص، الإشكالية في قراءة أبي زيد هي: أنه لا يقرأ القرآن بعيون القرآن أو لغة القرآن، وإنما بعيون تفكيكية – حداثية – تقويضية، مسلحة بالمنهجيات الفلسفية التي تصارعت مع الكنيسة في الغرب، أبو زيد يقرأ القرآن ليجد له قبولاً في الحضارة الحديثة حتى لو أدى ذلك إلى إلغاء القرآن، لذلك فدراسات أبي زيد وأركون لا تجد، وأؤكد أنها لن تجد قبولاً في الأرضية الإسلامية، لأنها تنطلق من خلفية تقويضية المركز الأساسي فيها هو التخلص من الفهم السلفي النبوي للقرآن الكريم حتى لو كان القرآن نفسه يؤكد ببداهة أن هذا هو الفهم الصحيح.

إن أبي زيد وحنفي وأركون وأمثالهم اعتقدوا أولاً أن الحداثة هي نهاية التاريخ وأن كل شبكتها المفاهيمية هي نهاية المطاف، وبدأوا يقرأون القرآن الكريم من خلال هذه الأرضية، ولذلك تجد أنهم ينحازون دائماً إلى كل ما يحذف فاعلية القرآن وعمله في الإنسان والكون والحياة، وأحياناً لكي يبرروا بعض أفكارهم يبحثون لها عن مستندات تراثية في الخطاب الإسلامي يربطون بها أفكارهم لتلقى رواجاً وقبولاً: فنجد أبا زيد يسند نفسه بابن عربي، ونجد أركون يسند نفسه بالتوحيدي وغيره بالسهروردي.

تعقيب آخر:

قلت: إن حديثكم عن السياق كان مداره حول سياق واحد هو سياق الآية، وأحياناً قليلة يُشار إلى سياق السورة علماً أننا نحن المسلمين نفهم القرآن الكريم من خلال أربعة أنواع من السياق: سياق الآية منفردة كوحدة نصية أو دلالية – سياق السورة ككل – سياق القرآن الكريم كاملاً فالقرآن يفسر بعضه بعضاً – ثم سياق الإسلام كله باعتبار أن السنة أيضاً هي بيان للقرآن الكريم. وقد برع المفسر ابن كثير رحمه الله بالتفسير التناظري الذي تشيرون إليه وهو حين يفسر آية من القرآن الكريم يستحضر كثيراً من الآيات الشبيهة فيقول ونظير ذلك قوله تعالى ... وقوله تعالى .... وهكذا حتى يستوعب كثيراً من الآيات المتناظرة في المسألة الواحدة ....

إننا نجد في القرآن الكريم سياقاً واحداً هو بمثابة الشمس وهو التوحيد، وسياقات أخرى هي بمثابة النجوم تدور حول السياق الأول مثل: العدل والإحسان والأمانة والصدق، ثم تجد سياقات أخرى تأتي في الدائرة الثالثة وسياقات رابعة وخامسة .... وهكذا وكلها على شكل دوائر تتفاوت قرباً وبعداً عن المركز الذي هو: التوحيد.

ثم قلت: إن هناك بعداً غائباً في دراستكم وهو إغفال البنية الشفاهية والإيقاعية للقرآن الكريم وهذا البعد غائب حتى في دراساتنا الإسلامية إلا بشكل عرضي، علماً أنه في القرآن الكريم تتعاون الكتابة واللفظ والتلاوة في بعث المعنى، لأنه قرآن أي يُقرأ، بل إنه لا يقرأ كأي قراءة وإنما يتلى، ولا يتلى كأي تلاوة بل يجوّد، وهذا كله مترافق إلى هذه اللحظة في نقل القرآن، فكأننا نقرأ النص أمام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن ذلك يعطي للنص أبعاد إضافية من المعاني والدلالات والمركزيات.

تعقيب: الأب باولو

القرآن يتحدث بلغة الناس، الله يتكلم لغة الناس بكل عمقها ومستوياتها، اللغة منها مضبوطة ومنها عفوية، أجد في القرآن صوت معلمي: لويس ماسينيون، نقرأ في القرآن تقوى المسلمين، في سياق الخبرة النبوية، تحت ضغط التخثرات الموجودة في كلمة: إقرأ. في الفاتحة مثلاً أشعر أن النظام الروحي بين الرجاء والخوف متناسق كل التناسق: الرحمن الرحيم – الدين – الدينونة أو الهدى – الضلال أو الغضب – الرحمة

وقد كتبت في ذلك بحثاً عن: سورة الكهف: مفهوم الرجاء في الإسلام.

كان هنا فاصل للغداء وقد خيرونا بين رز مع شاكرية أو فروج مع فريكة أيهما ستختار؟ المشكلة أنه لا يجوز عندهم الجمع بينهما.

الجلسة المسائية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير