تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تحدث الباحث كويرس عن ما يسميه تفسير جديد لسورة العلق، ويرى أن هذه السورة من أهم السور القرآنية لأنها تحتوي على قصة الوحي، ولكن يظهر فيها جزءان يبدو أنهما مختلفان الآيات الأولى: إقرأ - علم الإنسان ما لم يعلم. تختلف عن بقية السورة كما يرى كويرس. فما هي الوحدة الدلالية والبلاغية لهذه السورة، إن المقاربات النقدية التاريخية تقبل تبعثر وتشظي النصوص، لكن فيما يتصل بالتحليل البلاغي نجد أننا نكتشف الوحدة المتماسكة والمنطقية ونسلك ذلك عن طريق محورين:

الأول: مفرداتي. والثاني: موضوعاتي.

لقد رأى بعض الباحثين أن كلمة اقرأ حتى تتناسق مع بقية السورة يحتمل أن يكون معناها اذكر اسم ربك أو ذكّر باسم ربك، وبالتالي تتناسق مع نهاية السورة: واسجد واقترب، لأنها تكون بذلك دعوة متكاملة إلى الصلاة. إذن فهي دعوة إلى الصلاة وليست دعوة إلى الرسالة وهذا يتشابه مع المزمور 116 من العهد القديم حين يقول: باسم الرب أدعو ...

إذن بنظر كويرس فإن الآيات الخمسة الأولى هي مزمور استهلالي يدعو إلى الصلاة، ولكنه يعترف بأنه تجاوز كثيراً من العقبات دون حل.

ثم يلجأ إلى بيان فكرة التناص وذلك عن طريق المقارنة بين المزمور الخامس والستين من العهد القديم وسورة العلق:

هلم نرنم للرب اقرأ باسم ربك

الذي له البحر الذي خلق

إلى نهاية الآيات ....

وكذلك حين عرض لدراسة سورة المائدة أجرى بعض المقارنات بينها وبين إنجيل لوقا ويوحنا وأكد على أن قصص التوراة والإنجيل أعيد ذكرها في القرآن، وأن الهدف المركزي دائماً هو التوحيد ومنظومة المبادئ الأساسية في الإسلام، وهي عقائد أممية موجودة في كل الديانات السماوية عبر تاريخ البشرية.

ووقف عند الآيات التي تبرز مفهوم السلام والعدل والتسامح بين القرآن والكتاب المقدس ورأى أن سبل السلام لا نجدها في مكان آخر غير سورة المائدة.

كما وقف عند قوله تعالى // إن الذين آمنوا والذين هادو والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون // وعند قوله تعالى // لكلٍ جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة .. //

ورأى أن بعض المتشددين يرون أن الإسلام يريد أن يحل محل الأديان البشرية وأنه يرفضها جميعاً ولكنه أبداً – بنظره – هو مكمل لها والآيات الآنفة يستشهد بها لذلك إن الإسلام يعترف بكل الأديان – بنظره – ويدعو إلى التآخي والعمل الصالح وليس للحروب.

كان هناك في الحقيقة عدد من التعقيبات لم أستطع أن أتابعها لأنني كنت مشغولاً بصياغة تعقيبي على محاضرته وليس تجاهلاً مقصوداً ...

وهذا ما قلته تعقيباً على ما تكلم به:

إن مفهوم التناص مفهوم تفكيكي شاع في الدراسات الأدبية والنصوص البشرية وهو يُعنى بمدى التأثر والتأثير فيما بينها، وشيءٌ طبيعي أن نبحث بين البشر عن المؤثر والمتأثر، لأن تفكيرهم مختلف ونصوصهم متداخلة، ولكن في مسألة الوحي كيف يكون هناك تناص؟ من المؤثر ومن المتأثر؟ إذا كان المصدر واحداً وهو الله عز وجل وهو الذي أنزل التوراة والإنجيل والقرآن وغيرها من الصحف فكيف يصح لنا أن نبحث عن أوجه التأثير والتأثر؟

إن التشابه والتناظر كبير جداً بين الكتب المقدسة، ولو ذهبنا نستقرئ ذلك لوجدنا مجلدات منه وقد دفع ذلك بعض المسيحيين إلى اعتبار القرآن الكريم صياغة جديدة للمسيحية، أو هو هرطقة مسيحية، لأنهم وجدوا أنماط التناظر هائلة جداً، ولكن نسوا أو تناسوا أن القرآن الكريم نفسه يطرح هذه المسألة بقوة وبتكرار، وبأشكال مختلفة فهو يؤكد دائماً أنه مصدق لما بين يديه ومهيمن، وأن رسالات الأنبياء جميعاً هي من عند الله عز وجل، وأنه إذا كان المسيح عليه السلام قال: ما جئت لأنقض الناموس ولكن جئت لأكمل، فإن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

وعلى ذلك فالتناظر كبير جداً، ولكن في حين يعده المسيحيون تأثراً أو شيئاً يشبهه فإن القرآن الكريم يعد ذلك تصديقاً، وإكمالاً للشرائع السماوية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير