تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن المتتبع لجهود المستشرقين في دراساتهم للتراث العربي تُلفته عناية المستشرقين بالشعر العربي القديم، لمكانة ذلك الشعر في نفوس العرب وتاريخهم. ولما له من أهمية في فهم الذهنية العربية، وما له من خطورة في فهم التراث العربي القديم عموماً، وإدراك خفايا القرآن الكريم على وجه الخصوص.

لقد أدرك المشتغلون بتراث الشرق الإسلامي أن تاريخ الشعب المسلم العربي، في صيرورته التاريخية وتطلعاته المستقبلية؛ مشدود إلى قطبين أساسيين، يُحركان وجودَه، ويًحددان مصيره؛ هما: القرآن ولغة هذا القرآن.

وكتابه " مختارات من الشعر العربي " جمع فيه باقة من ديوان الشعر العربي حتى نهاية العصر الأموي؛ لاستعمالها في أغراض الدرس. وذكر المستشرق الألماني رودي بارت أن الكتاب ما يزال معتمداً في الجامعات يدرس فيه الطلاب المتخصصون [طبع سنة 1890، وأعيد طبعه سنة 1933، 1965، وقد زوده أغست مولّر August Muller(1847 – 1892 ) بمعجم] (15).

أما ثمرة دراساته للشعر القديم، فقد أودعها في كتابه " أبحاث لمعرفة شعر العرب القدماء ": 1864؛ وهو يتألف من عدة مقالات وترجمات. وقد ترجم الفصل الأول منه د, عبد الرحمن بدوي في كتابه: " دراسة المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي " [بين ص17 – 40]، وهو يحمل عنوان: " من تاريخ الشعر العربي ونقده ". وقد ختم نولدكه هذا الفصل بفقرة جديرة بالتأمل والانتباه، عبر فيها عن تفاعله مع الشعر العربي الجاهلي حين وجده عظيما وجميلا في نطاق حدوده؛ " وتسري فيه روح الرجولة والقوة، روح تهزنا هزا مزدوجا إذا ما قارناه بروح العبودية والاستخذاء التي نجدها في كثير من الشعوب الأسيوية الأخرى:

سأغسِلً عني العارَ بالسيف جالباً عليَّ قضاءُ الله ما كان جالبا

بهذه الكلمات يمضي العربي الحر إلى ساحة القتال ولقاء الموت. هذه الروح الرجولية التي تتجلى في قصائد الأعراب القدماء ساكني الصحراء، يُمكن أيضا أن تكون قدوة نحتذي نحن به. والآن يبرز أمام الشعب الألماني السؤال عما إذا كان قد عقد العزم على أن يغسل بدمه العار القديم " (16).

وقد ترجم وشرح قصائد عروة بن الورد 1963، وترجم وشرح خمساً من المعلقات: 1899 – 1901.

(3) في مجال النحو العربي:

أسهم نولدكه في النحو العربي بدراسات قيمة، خاصة بالدراسة التي ظهرت في مذكرات أكاديمية فيينا عام 1897: " في نحو اللغة العربية الفصحى " وقد حدد فيه الأمثلة ووضع القواعد وما شذ عنها. كما تميز بمجموعة هائلة من النصوص التي انتخبها وأثبتها في مذكراته لأهميتها النحوية (أعيد طبع الدراسة سنة 1963) (17).

(4) في مجال السيرة النبوية وتاريخ الإسلام:

كتب في مجال السيرة المحمدية كتاب: " حياة محمد عرض مبسط مستمد من المصادر " سنة 1863، واعتُبِر الكتاب نموذجاً لما ينبغي أن يكون عليه عرض تاريخي علمي معتمد على المصادر وفي متناول القراء.

وفي مجال تاريخ الإسلام اضطلع بالجزء الخاص بالساسانيين عند إخراج طبعة ليدن النموذجية لتاريخ الطبري، وأشفعها بترجمة ألمانية هي " تاريخ الفرس والعرب في عصر الساسانيين " عام 1879.

ثالثا: نولدكه والنص القرآني

(1) العناية بالقرآن قبل نولدكه: تتميز أقسام الدراسات الشرقية في الجامعات الألمانية بقراءة النصوص القرآنية؛ إذ تُتاحُ لكل طالب فرصة اختيار نصوص من القرآن.

ولابأس من الإشارة إلى الدراسات القرآنية السابقة والمعاصرة لنولدكه:

أ - وفي سنة 1746 نقلت ترجمة القرآن من الإنجليزية إلى الألمانية، وصاحب الترجمة الإنجليزية هو المستشرق الإنجليزي جورج سيل George Sale (1697 – 1736) ، وقد صارت ترجمته عمدة في تاريخ الدراسات القرآنية، وراجت رواجا عظيما خلال القرن الثتامن عشر.

ب - فريدريك روكت Friedrich Ruckert ( 1788 – 1866)، ترجم قسماً من القرآن الكريم إلى الألمانية، طبعه بعد وفاته المستشرق الألماني أوغست مولّر، فرنكفورت، 1888، وقد قيل: إن هذه الترجمة أقرب إلى بلاغة القرآن من سائر الترجمات الأخرى (18).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير